وقد كان مجاهد يقولُ في ذلك ما حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهد: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يبْصِرُونَ﴾ [ما تدعوهم إلى الهدَى](١).
وكأن مجاهدًا وجَّه معنى الكلام إلى أن معناه: وترى المشركين ينظرون إليك وهم لا يبصرون، فهو وجه، ولكن الكلام في سياق الخبرِ عن الآلهة فهو بوصفها أشبه.
قال أبو جعفر: فإن قال قائلٌ: فما (٢) معنى قوله: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾؟ وهل يجوزُ أن يكون شيءٌ ينظر إلى شيءٍ ولا يراه؟
قيلَ: إنَّ العرب تقول للشيءِ إذا قابل شيئًا أو حاذاهُ: هو ينظرُ إلى كذا. ويقال: مَنزلُ فلان ينظر إلى منزلى. إذا قابله.
وحُكِى عنها: إذا أتيت موضع كذا وكذا، فنظر إليك الجبل، فخُذ يمينا أو شمالا.
وحُدثت عن أبي عُبيد، قال: قال الكسائيُّ: الحائط ينظر إليك، إذا كان قريبا منك حيثُ تراهُ، ومنه قول الشاعرِ (٣):
(١) في تفسير ابن أبي حاتم والدر المنثور: "ما تدعوهم إليه من الهدى". والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٣٧ من طريق أبي حذيفة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٥٣ إلى أبى الشيخ. (٢) بعده في ف: "وجه". (٣) البيت في النوادر في اللغة لأبي زيد ص ١٣١، ومعجم مقاييس اللغة ٤/ ٢٠٣ غير منسوب فيهما. (٤) في النوادر: "حبيب"، وفي معجم مقاييس اللغة: "نمير".