الآيةِ، وأن المعنيَّ بها آدمُ وحواءُ - في قولِه: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾؛ أهو اسْتِنْكافٌ مِن اللَّهِ أن يكونَ له في الأسماءِ شريكٌ، أو في العبادةِ؟ فإن قلتَ: في الأسماءِ. دَلَّ على فسادِه قولُه: ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [الأعراف: ١٩١]. وإن قلتَ: في العبادةِ. قِيل لك: أفكان آدمُ أشْرَك في عبادةِ الله غيرَه؟
قيل له: إن القولَ في تأويلِ قولِه: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. ليسَ بالذي ظَنَنْتَ، وإنما القولُ فيه: فتعالى اللَّهُ عما يُشْرِكُ به مشركُو العربِ مِن عَبَدَةِ الأوثانِ. فأما الخبرُ عن آدمَ وحواءَ فقد انْقَضَى عندَ قولِه: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾. ثم اسْتُؤْنف قولُه: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ قولَه: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. يقولُ: هذه فَصْلٌ مِن آيةِ آدمَ، خاصَّةٌ في آلهةِ العربِ (١).
واخْتَلَفَت القَرأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿شُرَكَاءَ﴾؛ فقَرَأ ذلك عامَّةُ قرأَةِ أهلِ المدينةِ وبعضُ المكِّيين والكوفيِّين: [(جَعَلا لَهُ شِرْكًا). بكسرِ الشينِ، بمعنى الشَّرِكَةِ (٢).
وهذه القراءةُ أوْلَى القراءتين بالصوابِ (٥)؛ لأنَّ القراءةَ لو صحَّتْ بكسرِ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٣٥ من طريق أحمد بن المفضل به. (٢) قرأ بها نافع وأبو بكر عن عاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٢٩٩. (٣) سقط من: س. (٤) قرأ بها ابن كثير وحفص عن عاصم وابن عامر وأبو عمرو وحمزة والكسائى. المصدر السابق. (٥) القراءتان كلتاهما صواب.