قال له آدمُ ﵇: قد أطعتُك وأَخْرَجْتَنِى مِن الجنةِ. فأبى أن يُطِيعَه، فَسَمَّاه عبدَ الرحمنِ، فسَلَّط اللَّهُ عليه إبليسَ فقَتَلَه، فحَمَلَتْ بآخرَ، فَلَمَّا وَلَدَتْه قال لها: سمِّيه عبدى وإلا قَتَلْتُه. قال له آدمُ: قد أطعتُك فأَخْرَجْتَنى مِن الجنةِ. فأبَى، فسَمَّاهُ صالحًا، فقَتَلَه. فلمَّا أن كان الثالثُ، قال لهما:[فإذ غلَبَتُمونِى](١) فسَمُّوه عبدَ الحارثِ. وكان اسمَ إبليسَ، وإنما سُمِّي إبليسُ حينَ أَبْلَسَ، فعَنَوا (٢)، فذلك حيَن يقولُ اللَّهُ ﵎: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾. يعنى في الأسماءِ (٣).
وقال آخرون: بل المَعْنِيُّ بذلك رجلٌ وامرأةٌ من أهلِ الكفرِ من بنى آدمَ، جعَلا للَّهِ شركاءَ مِن الآلهةِ والأوثانِ حينَ رَزَقَهما ما رزَقهما من الولدِ. وقالوا: معنى الكلام: هو الذي خَلَقَكُم مِن نفسٍ واحدةٍ، وجعَل منها زوجَها ليسْكُنَ إليها، فلمَّا [تغشاها أيُّها](٤) الرجلُ الكافرُ، حَمَلَتْ حملًا خفيفًا، فلمَّا أَثْقَلَتْ [دَعَوْتُما اللَّهَ ربَّكما](٥). قالوا: وهذا مما ابْتُدِئ به الكلامُ على وجهِ الخطابِ، ثم رُدَّ إلى الخبرِ عن الغائبِ، كما قِيل: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس: ٢٢]. وقد بيَّنَّا نظائرَ ذلك بشواهدِه (٦) فيما مضَى قبلُ.
(١) في م: "فإذا غلبتم". ومعنى فإذ غلبتموني: إذ لم تنساقوا لأمرى فتسموه عبدى، فسموه إذن عبد الحارث. (٢) في م: "ففعلوا". وعَنَوا: خضعا. ينظر تاج العروس (ع ن و). (٣) في م: "التسمية". والأثر أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٥٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٣٤ من طريق عمرو به، مقتصرا على قوله: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ﴾، إلى آخر الأثر. (٤) في ص: "تغشيتها أيها"، وفى م: "تغشاها. أي هذا". (٥) في ف: "دعوا الله ربهما". (٦) في ص، ت ١، ت،٢ س: "بشواهدها". وينظر ما تقدم في ١/ ١٥٥، ١٥٦.