أبى. وهما لأبٍ واحدٍ وأمٍّ واحدةٍ، استعطافًا له على نفسِه برحِمِ الأمِّ.
وقولُه: ﴿إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي﴾. يعنى بـ" القومِ": الذين عكَفوا على عبادةِ العجلِ، وقالوا: هذا إلهُنا وإلهُ موسى. وخالفوا أمرَ هارونَ. وكان استضعافُهم إياه تركَهم طاعتَه واتباعَ أمرِه، ﴿وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي﴾. يقولُ: قارَبوا ولم يفعَلوا.
واختلَفت القرَأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿فَلَا تُشْمِتْ﴾. فقرَأ قرَأةُ الأمصارِ ذلك: ﴿فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ﴾ بِضَمِّ التاءِ مِن ﴿تُشْمِتْ﴾ وكسرِ الميمِ منها، مِن قولِهم: أشمَتَ فلانٌ فلانًا بفلانٍ، إذا سرَّه فيه بما يكرهُه المُشْمَتُ به.
ورُوى عن مجاهدٍ أنه قرَأ ذلك:(فلا تَشْمِتْ (١) بِىَ الأعْدَاءُ).
حدَّثني بذلك عبدُ الكريمِ بنُ الهيثمِ، قال: ثنا إبراهيمُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا سفيانُ، قال: قال حميدُ بنُ قيسٍ: قرَأ مجاهدٌ: (فَلَا تَشْمِتْ بِىَ الأَعْدَاءُ).
وحدَّثنى المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ الزبيرِ، عن ابن عيينةَ، عن حميدٍ، قال: قرَأ مجاهدٌ: (فَلا تَشْمِتْ بِىَ الأَعْدَاءُ).
وحُدِّثت عن يحيى بن زيادٍ الفراءِ، قال: ثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن رجلٍ (٢)، عن مجاهدٍ أنه قرَأ (٣): (لا تَشْمِتْ)(٤).
وقال الفراءُ: قال الكسائيُّ: ما أدرى، فلعلهم أرادوا:(فَلا تَشْمَتْ بىَ الأعْدَاءُ). فإن تكنْ صحيحةً فلها نظائرُ؛ العربُ تقولُ: فرِغْتُ وَفَرَغْتُ. فمَن قال: فَرِغْتُ. قال: أنا أفْرَعُ. ومن قال: فَرَغْتَ. قال: أنا أُفْرُغُ. وكذلك: رَكَنْتُ وَرَكِنْتُ، وشمِلهم أمرٌ (٥) وشمَلهم. في كثيرٍ مِن الكلامِ. قال: و (الأعداءُ) رفعٌ؛ لأنَّ
(١) في الأصل: "يشمت"، وقراءة مجاهد شاذة. (٢) بعده في معاني القرآن: "أظنه الأعرج". (٣) في م: "قال". (٤) معاني القرآن ١/ ٣٩٤. (٥) في معاني القرآن: "شر".