من زُمُرُّدٍ، فلما ألقَى موسى الألواحَ بقِى الهُدَى والرَّحمةُ، وذهَب التفصيلُ (١).
[حدَّثني الحارثُ](٢)، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا الأشجعيُّ، عن محمدِ بن مسلمٍ، عن خُصَيفٍ، عن مجاهدٍ، قال: كانت الألواحُ مِن زُمُرُدٍ أخضرَ (٣).
وزعَم بعضُهم أن الألواحَ كانت لوحين. فإن كان الذي قال كما قال، فإنه قيل: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِ﴾؛ وهما لوحان، كما قيل: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ [النساء: ١١]. وهما أَخَوان.
وأما قولُه: ﴿وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾. فإن ذلك من فعلِ نبيِّ اللَّهِ ﵇ كان المَوجِدَتِه على أخيه هارونَ في تركِه اتباعَه، وإقامتِه مع بنى إسرائيلَ في الموضعِ الذي ترَكهم فيه، كما قال جلّ ثناؤُه مخبرًا عن قيلِ موسى له: ﴿مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣)﴾ [طه: ٩٢، ٩٣]. حتى (٤) أخبره هارونُ بعذرِه، فقبِل عذرَه، وذلك قيلُه لموسى: ﴿لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ [طه: ٩٤]. وقال يا ﴿ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
واختلفت القرَأَةُ في قراءةِ قولِه: يا ﴿ابْنَ أُمَّ﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرَأةِ المدينةِ وبعضُ أهلِ البصرةِ: يا ﴿ابْنَ أُمَّ﴾. يفتحِ الميمِ مِن "الأمِّ"(٥).
(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٩/ ٤٩ من طريق عبد الرحمن به بنحوه. ووقع فيه: حصين، بدلًا من: خصيف. وهو تصحيف. (٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٢١ إلى ابن المنذر. (٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "حين". (٥) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو وحفص عن عاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٢٩٥.