أقامَ فيه هَلَكَ، ومَن خَرَجَ منه نَجا. فقال عمرٌو: ما شَرِكتُ في عَقْرِها، وما رَضِيتُ ما صُنِعَ بها. فلما كانت صبيحةُ الأحدِ أَخَذَتهم الصيحةُ، فلم يَبْقَ منهم صغيرٌ ولا كبيرٌ إلا هلَك، إلا جاريةٌ مُقْعَدَةٌ يقالُ لها: الزُّريْعةُ (١)، وهى الكلبةُ (٢) ابنةُ السِّلْقِ، كانت كافرةً شديدة العداوة لصالح، فأطلَقَ اللَّهُ لَها رِجْلَيها بعدما عاينت العذابَ أجمعَ، فخرَجت كأسرعِ ما يُرَى شيءٌ قطُّ، حتى أَتَتْ [أَهلَ قُرْحَ](٣)، فَأَخْبَرَتهم بما عايَنَت مِن العذابِ، وما أصابَ ثمودَ منه، ثم اسْتَسْقَت مِن الماءِ فسُقِيت، فلما شَرِبَت ماتَت (٤).
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: قال معمرٌ: أخبَرني من سمِع الحسنَ يقولُ: لما عقَرت ثمودُ الناقةَ، ذهَب فَصِيلُها حتى صعِد تلًّا، فقال: يا ربِّ أينَ أمِّى؟ ثم رَغا رَغْوةً، فنزَلت الصيحةُ فأخْمدَتهم (٥).
حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ الأعْلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسنِ بنحوه، إلا أنه قال: أُصْعِدَ تَلًّا.
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، أن صالحًا قال لهم حين عقروا الناقةَ: تَمَتَّعُوا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. وقال لهم: آيةُ هَلاكِكم أن
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "الدريعة"، وفى عرائس المجالس، س: "الذريعة" وفي تفسير ابن كثير: "الزريقة"، والمثبت من البداية والنهاية ١/ ٣١٦، وينظر تعليق الشيخ شاكر. (٢) في م: "كلبية". (٣) في م: "حيا من الأحياء". (٤) أخرج صدره ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥١٢ (٨٦٦٧) من طريق سلمة به، وذكره الثعلبي في عرائس المجالس ص ٥٨ - ٦٢، وابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٣٦ - ٤٣٩، وفى البداية والنهاية ١/ ٣١٠ - ٣١٣. (٥) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٣١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٩ إلى أبى الشيخ.