قد حُدِّثتُ عنه. فقال الحضرميُّ: وما شأنُه يا أميرَ المؤمنين؟ قال: فيه قبرُ هودٍ صلواتُ اللهِ عليه (١).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: كانت منازلُ عادٍ وجماعتِهم (٢) حينَ بعَث اللهُ فيهم هودًا، الأحقافَ. قال: والأحقافُ الرملُ فيما بينَ عُمانَ إلى حَضرَمَوتَ [فاليمنِ كلِّه](٣)، وكانوا مع ذلك قد فَشَوا في الأرضِ كلِّها وقهَروا أهلَها بفضلِ قوَّتِهم التي آتاهم اللهُ، وكانوا أصحابَ أوثانٍ يعبُدونها من دونِ الله؛ صنمٌ يقال له: صداءُ. وصنمٌ يقالُ له: صَمُودُ. وصنمٌ يقالُ له: الهَبَاءُ (٤). فَبَعَثَ اللهُ إليهم هودًا، وهو مِن أوْسَطِهم نسبًا وأفضلهم موضعًا، فأمَرهم أن يُوحِّدوا الله، ولا يجعَلوا معه إلهًا غيرَه، وأن يَكُفُّوا عن ظلم الناس - لم يأمُرْهم فيما يُذْكَرُ، واللهُ أعلمُ، بغيرِ ذلك - فأبَوا عليه وكذَّبوه، وقالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥]، واتَّبَعَه منهم ناسٌ وهم يسيرٌ، [مُكتَتِمون بإيمانِهم](٥)، وكان ممن آمَن به وصَدَّقه رجلٌ مِن عادٍ يقالُ له: مَرْثَدُ بنُ سعدِ بن عُفَيرٍ (٦). وكان يكتُمُ إيمانَه، فلما عَتَوْا على اللَّهِ وكَذَّبوا نبيَّهم، وأكْثروا في الأرضِ الفسادَ، وتَجَبَّروا، وبَنَوا بكلِّ رِيعٍ آيةً عَبَثًا بغيرِ نفعٍ، كَلَّمهم هودٌ، فقال: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء: ١٢٨ - ١٣١]. قالوا: ﴿يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ [هود: ٥٣]
(١) أخرجه البخارى في الكبير ١/ ١٣٥ من طريق ابن إسحاق به، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه ٣٦/ ١٣٨، ١٣٩ من طريق الأصبغ بن نباتة، عن علي نحوه مطولا. (٢) في ف: "جماعة". (٣) في م: "باليمن". (٤) في ت ١، ص: "الهناء". (٥) في م: "يكتمون إيمانهم". (٦) في ف: "عفر".