تَعْلَمون أحدًا خلَقَهُ اللَّهُ مِن غيرِ أبٍ غيرى؟ فيقولون: لا. فيقولُ: هل تعلمون من أحدٍ كان يُبْرِئُ الأكْمَة والأبرص ويُحْيِي الموتى بإذنِ اللهِ غيرى؟ قال: فيقولون: لا. فيقولُ: أنا حَجيج نفسى، ما عملتُ (١) كُنْهَ (٢) ما أَسْتَطِيعُ أَن أَشْفَعَ لكم، ولكن ائتوا محمدًا (٣). قال رسولُ اللهِ ﷺ: فيَأْتونى، فأَضْرِبُ بيدى على صدرى، ثم أَقولُ: أنا لها. ثم أَمْشِى حتى أَقِفَ بين يدي العرشِ، فأُثْنِي على ربي، فيُفْتَحُ لى مِن الثناءِ ما لم يَسْمَعِ السامعون بمثله قط، ثم أَسْجُدُ فيُقالُ لى: يا محمد، ارْفَعْ رأسك، سلْ تُعْطَه، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأرفع رأسى (٤) فأقولُ: رب أمَّتى. فيقال: هم لك. فلا يَبْقَى نبيٌّ مرسَلٌ ولا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ إلا غبطنى يومئذٍ بذلك المقام، وهو المقام المحمود. قال: فآتى بهم باب الجنةِ، فَأَسْتَفْتِحُ، فيُفْتَحُ لى ولهم، فيُذْهَبُ بهم إلى نهرٍ يقال له: نهرُ الحيوان (٥). حافتاه قَصَبٌ (٦) من ذهبٍ، مُكَلَّلٌ باللؤلؤ، ترابه المسْك، وحَصْباؤُه الياقوتُ، فيَغْتَسِلون منه، فتَعودُ إليهم ألوان أهل الجنة وريحُ (٧)[أهل الجنة](٨)، ويصيرون كأنهم الكواكبُ الدُّرِّيةُ، ويَبْقَى في صدورهم شاماتٌ بيضٌ يُعرفون بها، يقال لهم: مساكينُ أهل الجنة" (٩).
(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "علمت". (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فيه كنه". (٣) بعده في م: "رسول الله ﷺ". (٤) بعده في الأصل: "ثم أثنى على ربى ثم أخر ساجدًا، فيقال لى: ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع. فأرفع رأسى". وينظر الدر المنثور وتفسير ابن كثير. (٥) في م، والدر المنثور: "الحياة". (٦) في الأصل، م: "قضب". (٧) في م: "ريحهم". (٨) سقط من: ص، ص، ت ١، ت ٢ ت ٣، س، ف. (٩) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤١٨ عن حذيفة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى المصنف. وينظر ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٩٥٥، ٩٥٦ - تفسير)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٨٤، ١٤٨٥ =