عباسٍ، قال: أولُ من سكَن الأرضَ الجنُّ، فأفسَدوا فيها، وسفَكوا (١) الدماءَ، وقتَل بعضُهم بعضًا. قال: فبعَث اللهُ إليهم إبليسَ في جندٍ مِن الملائكةِ، فقتَلهم إبليسُ ومن معه (٢)، حتى ألحقُوهم (٣) بجزائرِ البحورِ وأطرافِ الجبالِ، ثم خلَق اللهُ آدمَ فأسكَنه إياها، فلذلك قال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (٤).
[فعلى هذا](٥) القولِ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ من الجنِّ يَخلُفونهم (٦) فيها فيسكُنونها ويَعْمُرُونها.
حَدَّثَنِي المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا إسحاقُ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بنِ أنسٍ في قولِه: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ الآية. قال: إن اللهَ خلَقَ الملائكةَ يومَ الأربعاءِ، وخلَق الجنَّ يومَ الخميسِ، وخلَق آدمَ يومَ الجمُعةِ، قال: فكفَر قومٌ مِن الجنِّ، فكانتِ الملائكةُ تهبِطُ إليهم في الأرضِ فتُقاتِلُهم، فكانت الدماءُ وكان الفسادُ في الأرضِ (٧).
وقال آخرون في تأويلِ قولِه: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾. أي: خُلَفاءَ (٨)
(١) بعده في ر، م، ت ١، ت ٢: "فيها". (٢) في الأصل: "معهم". (٣) في ص، ر، م، ت ١، ت ٢: "ألحقهم". (٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١٠١ عن المصنف. وأخرجه الحاكم ٢/ ٢٦١ من طريق مجاهد عن ابن عباس به بنحوه، وقال: صحيح الإسناد. (٥) في ر: "فعنى بها". (٦) في الأصل: "يخلقونه". (٧) أخرجه المصنّف في تاريخه ١/ ٨٤. وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (٨٨٢) من طريق ابن أبي جعفر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٤٥ إلى المصنّف وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن أبي العالية. وهو عند ابن أبي حاتم ١/ ٧٧ (٣٢٢). (٨) في ر: "خلقا"، وفي م: "خلفا".