يا نبيَّ اللهِ، أو إن من الإنسِ شياطينَ؟ فقال النبيُّ ﷺ:"نعم"(١).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ الآية. ذُكِر لنا أن أبا ذرٍّ قام ذاتَ يومٍ يُصَلِّي، فقال له نبيُّ اللهِ:"تَعَوَّذْ باللهِ مِن شياطينِ الجنِّ والإنسِ". فقال: يا نبيَّ اللهِ، أوَ للإنسِ شياطينُ كشياطينِ الجنَّ؟ قال:"نعم، أوَ كذَبْتُ عليه؟! ".
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قال مجاهدٌ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾. فقال: كفارُ الجنِّ شياطينُ، يُوحُون إلى شياطينِ الإنسِ؛ كفارِ الإِنسِ، زُخْرفَ القولِ غُرورًا (٢).
وأَما قولُه: ﴿زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾، فإنه المُزَيَّنُ بالباطلِ كما وصَفْتُ قبلُ، يُقالُ منه: زَخْرَف كلامَه وشهادتَه، إذا حسَّن ذلك بالباطلِ ووشَّاه.
كما حدَّثنا سفيانُ بنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبو نُعيمٍ، عن شَريكٍ، عن سعيدِ بنِ مسروقٍ، عن عكرمةَ قولَه: ﴿زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾. قال: تَزْيينُ الباطلِ بالألسنةِ (٣).
حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: أما الزخرفُ، فزخْرَفوه: زيَّنوه (٤).
(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٢١٦، وأخرج شطره الأول ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٧١ (٧٧٨٨) من طريق عبد الرزاق به، وأخرج شطره الأخير عبد الرزاق في مصنفه ٢/ ٨٤ (٢٥٧٩) عن معمر به. وقال ابن كثير في تفسيره ٣/ ٣١٢: وهذا منقطع بين قتادة وأبي ذر، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٤٠ إلى المصنف وابن المنذر. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٤٠ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي نصر السجزي في الإبانة وأبي الشيخ، وينظر تفسير البغوي ٣/ ١٧٩. (٣) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٧٢ عقب الأثر (٧٧٩٢). (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٧٢ (٧٧٩٣) من طريق أحمد بن مفضل به، وسيأتي بقيته في