بأيديهم، متى شاءوا آمَنوا، ومتى شاءوا كفَروا، وليس ذلك كذلك، ذلك بيدي، لا يُؤْمِنُ منهم إلا من هدَيْتُه (١) فوفَّقْتُه، ولا يَكْفُرُ إلا مَن خذَلْتُه عن الرشدِ فَأَضْلَلْتُه.
وقيل: إن ذلك نزَل في المستهزئين برسولِ اللهِ ﷺ وما جاء به مِن عندِ اللهِ مِن مشركي قريشٍ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال: نزَلَت في المستهزئين الذين سأَلوا النبيَّ ﷺ الآيةَ (٢): ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ هو ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٩]. ونزَل فيهم: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا﴾ (٣).
وقال آخرون: إنما قيل: ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾. يُرادُ به أهلُ الشَّقاءِ، وقيل: ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾، فاسْتَثْنَى ذلك مِن قولِه: ﴿لِيُؤْمِنُوا﴾، يُرادُ به أهلُ الإيمانِ والسعادةِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾: وهم أهلُ الشَّقاءِ، ثم قال: ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾. وهم أهلُ السعادةِ الذين سبَق لهم في علمِه أن يَدْخُلوا في
(١) بعده في م: "له". (٢) بعده في م: "فقال". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٩ إلى أبي الشيخ.