وأولى التأويلاتِ في ذلك بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: ذلك خطابٌ مِن اللهِ للمؤمنين به من أصحابِ رسولِه، أعْني قولَه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. وأن قولَه: ﴿أَنَّهَا﴾. بمعنى: لعلَّها.
وإنما كان ذلك أولى تأويلاتِه بالصوابِ؛ لاستفاضةِ القراءةِ في قرأةِ الأمصارِ بالياءِ مِن قولِه: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
ولو كان قولُه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾. خطابًا للمشركين، لكانت القراءةُ في قولِه: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾. بالتاءِ، وذلك وإن كان قد قرَأه بعضُ قرأةِ المكيين كذلك، فقراءةٌ خارجةٌ عما عليه قرأةُ الأمصارِ، وكفَى بخلافِ جميعِهم لها دليلًا على ذَهابِها وشُذوذِها (٣).
وإنما معنى الكلامِ: وما يُدْرِيكم أيُّها المؤمنون، لعلَّ الآياتِ إذا جاءت هؤلاء المشركين لا يُؤْمِنون، فيُعاجَلوا بالنِّقْمةِ والعذابِ عندَ ذلك، ولا يُؤَخَّروا به.
(١) المريرة: الحبل الشديد الفتل. اللسان (م ر ر). (٢) الكتاب ٣/ ١١٦، والمعاني الكبير ١/ ٣٦٣، وفيهما: كما نغدي. (٣) القراءة بالتاء ليست شاذة، بل هي متواترة، وقد قرأ بها ابن عامر وحمزة وهما من السبعة؛ وقد خرج أبو حيان هذه القراءة في البحر المحيط ٤/ ٢٠٢ تخريجا جيدا من حيث المعنى فراجعه.