من قبلِ ذلكَ ومن بعدِ ذلكَ. فكذلك ذلك في "إذا"، كما يقولُ القائلُ: إذا أكرَمك أخوك فأكرِمْه، وإذا لا فلَا. يريدُ: وإذا لم يُكرِمْك (١) فلا تُكرِمْه. ومن ذلك قولُ الآخر (٢).
فإذا وذلك لا يضُرُّك ضُرُّه (٣) … في يومِ أسألُ (٤) نائلًا أو أنكَدَا
نظيرَ ما ذكَرْنا من المعنى في بيتِ الأسودِ بنِ يَعفُرَ. وكذلك معنى قولِ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ﴾. لو أُبْطِلَتْ "إذْ" وحذِفتْ من الكلامِ، لاستحالَ عن (٥) معناه الذي هو به وفيه "إذْ".
فإن قال قائلٌ: فما معنى ذلك، وما الجالبُ لـ "إذ"، إذا (٦) لم يكنْ في الكلامِ قبلَه ما يُعطَفُ به عليه؟
قيل له: قد ذكَرنا فيما مضَى أن اللهَ تعالى ذكرُه خاطَب الذين خاطَبهم بقولِه: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾. بهذه الآياتِ والتي بعدَها مُوَبِّخَهم ومُقَبِّحًا إليهم سوءَ فِعالِهم ومُقامِهم على ضلالِهم مع النعمِ التي أنعَمها عليهم وعلى أسلافِهم، ومُذكِّرَهُم - بتعديدِ نِعَمِه عليهم وعلى أسلافِهم - بأسَه أن يسلُكوا سبيل مَن هلَك من أسلافِهم في معصيتِه، فيسلُكَ بهم سبيلَهم (٧) في
(١) في ت ١: "يكن معك". (٢) التبيان ١/ ١٣١. (٣) في ص، والتبيان: "ضرة"، وفي ر: "ضيرة". (٤) في ص، م: "أثل". (٥) في ت ١، ت ٢: "من". (٦) في ص، م: "إذ". (٧) في ت ١: "سبيله".