شيئًا، واستكبارِكم عن الخضوعِ لأمرِ اللهِ وأمرِ رسولِه، والانقيادِ لطاعتِه - ﴿عَذَابَ الْهُونِ﴾ وهو عذابُ جهنمَ الذي يُهِينُهم فيُذِلُّهم، حتى يَعْرِفُوا صَغارَ أنفسِهم وذِلَّتَها.
كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: أمَّا ﴿عَذَابَ الْهُونِ﴾ به فالذي يُهِينُهم (١).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾. قال: عذابُ الهُونِ في الآخرةِ بما كنتم تعملون.
والعربُ إذا أرادَت بالهُونِ معنى الهَوانِ ضمَّت الهاءَ (٢)، وإذا أرادت به الرفقَ والدَّعةَ وخفةَ المَئُونةِ فتَحَت الهاءَ، فقالوا: هو قليلُ هَوْنِ المئونةِ. ومنه قولُ اللهِ: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: ٦٣]. يعني: بالرفقِ والسكينةِ والوَقارِ. ومنه قولُ [المثنَّى بنِ جندَلٍ](٣) الطُّهَويِّ:
هَوْنَكما لا يَرُدُّ الدهرُ ما فاتا .. لا تَهْلِكا أَسَفًا في إِثْرِ مَن ماتا
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٤٨ (٧٦٣٧) من طريق أحمد بن المفضل به. (٢) في ص، ت ١، ف: "الهون". (٣) كذا في النسخ في هذا الموضع، وكذا سيأتي في ١٤/ ٢٩، وفي تفسير الآية ٢٣ من سورة الزخرف، وصوابه: جندل بن المثنى. ينظر سمط اللآلئ ٢/ ٦٤٤، والأعلام ٢/ ١٣٧. (٤) هو ذو جدن الحميري، والبيت في سيرة ابن هشام ١/ ٣٨، وتاريخ المصنف ٢/ ١٢٥، والأغاني ١٧/ ٣٠٥ بنحو ما هنا.