معادِكم يوم القيامةِ، ﴿وَلَا آبَاؤُكُمْ﴾. يقولُ: ولم يَعْلَمْه آباؤُكم أَيُّها المؤمنون بالله من العربِ وبرسوله ﷺ.
كالذي حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا الحجاجُ بنُ المِنْهالِ، قال: ثنا حمادٌ، عن أيوب، عن مجاهدٍ: ﴿وَعُلِّمْتُمْ﴾ معشرَ العربِ ﴿مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ﴾ (١).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قال عبدُ اللهِ بنُ كثيرٍ: إنه سمع مُجاهدًا يقولُ في قولِه: ﴿وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ﴾. قال: هذه للمسلمين (٢).
وأما قولُه: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾. فإنه أمرٌ من الله جلَّ ثناؤُه نبيَّه محمدًا ﷺ أَن يُجِيبَ استفهامَه هؤلاء المشركين عما أمَره باستفهامِهم عنه بقولِه:(قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الكتابَ الذي جاء به موسى نورًا وهدًى للناسِ يَجْعَلُونه قراطيسَ يُبْدُونَهَا ويُخْفُونَ كثيرًا).
بقيلِه: ﴿اللَّهُ﴾. كأمْرِه إياه في موضعٍ آخَرَ في هذه السورةِ بقولِه:(قُل مَن يُنَجيكُم مِن ظُلُماتِ البرِ والبحرِ تدعُونَهُ تَضَرُّعًا وخفيةً لَئِن أَنجَيْتَنَا (٣) من هذهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين) [الأنعام: ٦٣] فأمَرَه باستفهامِ المشركين عن ذلك، كما أمَرَه باستفهامِهم إذ قالوا: ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ عمَّن أنْزَل الكتابَ الذي جاء به موسى، نورًا وهدًى للناسِ، ثم أمَرَه بالإجابةِ عنه هنالك بقيلِه: ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ٦٤] كما أمَرَه بالإجابةِ هاهنا عن ذلك بقيلِه: اللهُ أَنْزَلَه على موسى.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٩ إلى عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ. (٢) تقدم تخريجه في ص ٣٩٦. (٣) في م: "أنجانا". وهما قراءتان. كما تقدم في ص ٢٩٤.