وقد ذُكِر أن النبيِّ ﷺ إنما أُمِر بالقيامِ عن المشركين إذا خاضُوا في آياتِ اللهِ؛ لأن قيامه عنهم كان ممّا (١) يكرهونه، فقال اللهُ له: إذا خاضُوا في آياتِ اللهِ، فقُمْ عنهم؛ ليتَّقوا الخوضَ فيها ويَتْرُكوا ذلك.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: كان المشركون يَجْلِسون إلى النبيِّ ﷺ يُحِبُّون أن يَسْمَعوا منه، فإذا سمِعوا اسْتَهْزءوا، فنزَلَت: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ الآية. قال: فجعَل (٢) إذا اسْتَهْزَءوا قام، فحذِروا وقالوا: لا تَسْتَهْزِئوا فيقومَ. فذلك قولُه: ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ أن يخوضوا فيقومَ، ونزَل: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ إِن تَقْعُد (٣) معهم، ولكن لا تَقْعُدْ (٤)، ثم نسَخ ذلك قولُه بالمدينةِ: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٠] فنُسِخ قولُه: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ الآية (٥).
حدَّثني محمد بنُ الحسين، قال: ثنا أحمدُ بن المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾. يقولُ: مِن
(١) في ص، ت ١، س: "فيما". (٢) في ص، س، والدر: "فجعلوا". (٣) في ص، س، ت ١: "قعد"، وفي م، ت ٢، ت ٣: "قعدوا"، والمثبت من الدر المنثور. (٤) في م: "تقعدوا". (٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٠، ٢١ إلى المصنف وابن المنذر وأبي الشيخ.