وأما قولُه: ﴿يَلْبِسَكُمْ﴾ فهو مِن قولِك: لبَسْتُ عليه الأمرَ، إذا خلَطْتَ، فأنا أَلْبِسُه. وإنما قلتُ: إن ذلك كذلك؛ لأنه لا خلافَ بينَ القرأةِ في ذلك بكسرِ الباءِ، ففي ذلك دليلٌ بَيِّنٌ على أنه مِن: لبَس يَلْبِسُ. وذلك هو معنى الخلطِ. وإنما عنَى بذلك: أو يَخْلِطَكم أهواءً مختلفةً، وأحزابًا مفترقةً. وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبو أسامةَ، عن شبلٍ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾: الأهواءُ المفترقةُ (١).
حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾. قال: يُفَرِّقُ بينَكم (٢).
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾. قال: ما كان فيكم مِن الفتنِ والاختلافِ (٣).
حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾. قال: الذي فيه الناسُ اليومَ مِن الاختلافِ والأهواءِ وسفكِ دماءِ بعضِهم بعضًا.
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾. قال: الأهواءُ والاختلافُ.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦ إلى المصنف وابن المنذر. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣١٢ (٧٤١٤) من طريق أحمد بن مفضل به. (٣) تفسير مجاهد ص ٣٢٣، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣١١ (٧٤١٣).