وقال بعض نحويِّى الكوفة (١): أرأيتك عمرًا. أكثر الكلام فيه تركُ الهمز. قال: والكافُ مِن "أرَأَيْتَك" في موضع نصب، كأَنَّ الأصلَ: أَرَأَيْتَ نفِسَك على غير هذه الحال. قال: فهذا يُثَنَّى ويُجْمَعُ ويُؤَنَّثُ، فيُقالُ: أرأيتُما كما وأَرأَيْتُموكم وأرأيتنكُنَّ (٢). أوْقَع فعله على نفسه، وسأله عنها، ثم كثر به الكلام حتى تركوا التاء موحَّدةً للتذكير والتأنيث والتثنية والجمع، فقالوا (٣): أرأيتكم زيدًا ما صنع، وأرأيتَكُنَّ زيدا ما صنع، فوحَّدوا التاء وثنَّوُا الكافَ وجمَعوها، فجعَلُوها بدلًا من التاءِ، كما قال: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩]. وهاءَ يا رجلُ، وهاؤُما. ثم قالوا: هاكم. اكْتُفِى بالكافِ والميم مما كان يُثَنَّى ويُجْمَعُ، فكأن الكافَ في موضعِ رفعٍ، إذ كانت بدلًا مِن التاءِ، وربما وُحِّدَت للتثنيةِ والجمعِ، والتذكيرِ والتأنيثِ، وهى كقولِ القائل: عليك زيدًا. الكافُ في موضع خفضٍ، والتأويلُ رفع، فأما ما يُجْلَبُ فأكثرُ ما يَقَعُ على الأسماءِ، ثم تَأْتِى بالاستفهام، فيُقالُ: أرأَيْتَك زيدًا هل قام؟ لأنها صارت بمعنى: أَخْبِرْني عن زيد. ثم بيَّن عما يَسْتَخْبِرُ. فهذا أكثر الكلامِ. ولم يَأْتِ و (٤) الاستفهامُ يليها (٥)، لم يُقَل: أرأَيْتَك هل قمتَ؟ لأنهم أرادوا أن يُبَيِّنوا عمَّن يَسْأَلُ، ثم تُبَيَّنُ الحالةُ التي يَسْأَلُ عنها، وربما جاء بالجزاء (٦) ولم يَأْتِ بالاسم، فقالوا: أرأَيْتَ [إن أتيتُ](٧) زيدا هل يَأْتينا؟ و: أرأيتك. أيضًا، و: أرأيت زيدًا إن أتَيْتُه هل يَأْتينا؟ إذا كانت بمعنى: أخْبِرْنى. فيُقالُ باللغات الثلاثِ.
وتأويل الكلام: قلْ يا محمد لهؤلاء العادلين باللَّهِ الأوثان والأصنامَ: أخْبِروني
(١) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ٣٣٣. (٢) في م، ت ٢: "أرأيتن كن". (٣) في ص، ت ١، ت ٢: "فقال". (٤) سقط من: م (٥) في م: "ثنيها"، وفى ت ١، ت ٢، س: "بينها". (٦) في م: "بالخبر". (٧) سقط من: م.