قال أبو جعفرٍ: ولكلِّ قولٍ من هذه الأقوالِ التي حكَيْناها عمّن رَوَيناها عنه وجهٌ ومذهبٌ من التأويلِ. فأما وجهُ تأويلِ مَن تأوَّلَ قولَه: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾. أي: لم تكونوا شيئًا. فإنه ذهَب إلى نَحوِ قولِ العربِ للشيْءِ الدَّارسِ والأمرِ الخاملِ الذِّكرِ: هذا شيْءٌ ميتٌ، وهذا أمرٌ ميتٌ. يُرادُ بوصفِه بالموتِ خمولُ ذِكْرِه ودُروسُ أثَرِه من الناسِ، وكذلك يقالُ في ضدِّ ذلك وخلافِه: هذا أمرٌ حيٌّ، وذِكْرٌ حيٌّ. يرادُ بوصفِه بذلك أنه نابِهٌ مُتعالمٌ في الناسِ، كما قال أبو نُخيلةَ السَّعديُّ (١):
فأحْييْتَ (٢) لي ذِكْرِي وما كنتُ خاملًا … ولكنَّ بعضَ الذِّكْرِ أنْبَهُ من بعضِ
يريدُ بقولِه: فأحيَيْتَ لي ذِكرِي. أي: رفعْتَه وشهَرْتَه في الناسِ حتى نَبُه فصار مذكورًا حيًّا بعدَ أن كان خاملًا ميتًا.
فذلك (٣) تأويلُ قولِ من تأوَّل في قولهِ: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾: لم تكونوا شيئًا.
أي: كنتم خُمولًا لا ذِكْرَ لكم، وذلك كان [موتَكم، ﴿فَأَحْيَاكُمْ﴾ فجعلكم](٤)
(١) البيت في طبقات ابن المعتز ص ٦٤، والمؤتلف والمختلف ص ٢٩٧. (٢) في ص، والمؤتلف والمختلف: "وأحيت"، وفي ابن المعتز: "وأنبهت". (٣) في ص، ر، م، ت ١، ت ٢: "فكذلك". (٤) في الأصل: "موتهم فأحياهم فجعلهم".