فإن قال قائلٌ: فما وجهُ قولِه: ﴿مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾. ومَن المُخاطَبُ بذلك، فقد ابْتَدَأَ الخبرَ في أوّلِ الآية عن قومٍ غَيبٍ بقوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾.
قيل: إن المخاطَبَ بقوله: ﴿مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾. هو المُخبَرُ عنهم بقوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾. ولكن في الخبر معنى القول، ومعناه: قُلْ يا محمدُ لهؤلاء القوم الذين كذَّبوا بالحقِّ لمَّا جاءهم: أَلم يَرَوْا كم أَهْلَكْنَا مِن قبلِهم مِن قَرْنٍ مَكَّناهم في الأرض ما لم نُمكِّن لكم. والعربُ إذا أخْبَرَت خبرًا عن غائبٍ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٦٣ (٧١١٠) عن الحسن بن يحيى به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٥ إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ. (٢) في ص: "فطعوا نعمة"، وفى ت ١: "فطمعوا نعمة"، وفى س: "فطغوا بنعمة".