اخْتَلَفَت القَرأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَته عامةُ قرأةِ الأمصارِ: ﴿وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ﴾. بإضافةِ الشهادةِ إلى اللهِ، وخفضِ اسمِ اللهِ تعالى، يعنى: لا نَكْتُمُ شهادةً للهِ عندَنا.
وذُكِر عن الشعبيِّ أنه كان يَقْرَؤُه كالذي حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبو أسامةَ، عن ابن عونٍ، عن عامرٍ أنه كان يَقْرَأُ:(ولا نَكْتُمُ شهادةً أللَّهِ إِنَّا إِذًا لمن الآثمينَ). بقطعِ الألفِ وخفضِ اسمِ اللهِ، هكذا حدَّثنا به ابن وكيعٍ (١).
وكأن الشعبيَّ وجَّه معنى الكلامِ إلى أنهما يُقْسِمان باللَّهِ: لا نَشْتَرِى به ثمنًا ولا نَكْتُمُ شهادةً عندَنا. ثم ابْتَدَأ يَمينًا باستفهامٍ باللهِ إنهما إن اشْتَريا بأيمانِهما ثمنًا أو كتَما شهادتَه عندَهما [إنهما من](٢) الآثمين.
وقد رُوِى عن الشعبيِّ في قراءةِ ذلك روايةٌ تُخالِفُ هذه الروايةَ، وذلك ما حدَّثني أحمدُ بنُ يوسفَ التَّغْلِبيُّ، قال: ثنا القاسمُ بنُ سلَّامٍ، قال: ثنا عبادُ بنُ عبادٍ، عن ابن عونٍ، عن الشعبيِّ أنه قرأ:(ولا نَكْتُمُ شَهادَةً اللَّهِ إِنَّا إِذًا لمن الآثمين)(٣). قال أحمدُ: قال أبو عبيدٍ: يُنوِّنُ شهادةً ويَخْفِضُ اللَّهَ على الاتصالِ. قال: وقد رواها بعضُهم بقطعِ الألف على الاستفهامِ، [وحفظى أنا](٤) لقراءةِ الشعبيِّ تركُ (٥) الاستفهامِ.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٣٢ (٦٩٤٩) من طريق داود عن الشعبى به. وينظر المحتسب ١/ ٢٢١، والبحر المحيط ٤/ ٤٤. وهى قراءة شاذة. (٢) في م: ""لمن ". (٣) ينظر المحتسب ١/ ٢٢١. (٤) في م: "وخفض إنا". (٥) في م: "بترك".