والبحيرةُ الفعيلةُ، من قولِ القائلِ: بحَرتُ أُذُنَ هذه الناقةِ - إذا شقَّها - أَبْحَرُها بَحْرًا. والناقةُ مَبْحُورةٌ، ثم تُصْرَفُ المفعولةُ إلى فَعِيلةٍ، فيقالُ: هي بَحِيرةٌ. وأما البَحِرُ من الإبلِ فهو الذي قد أصابه داءٌ من (١) كثرةِ شربِ الماءِ، يقالُ منه: بَحِر البعيرُ يَبْحَرُ بَحَرًا. ومنه قول الشاعرِ (٢):
لأَعْلِطَنَّهُ (٣) وَسْمًا (٤) لا يُفارِقُهُ … كما يُحَزُّ بحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
وبنحوِ الذي قلنا في معنى البحيرةِ جاء الخبرُ عن رسولِ اللَّهِ ﷺ. حدَّثنا عبدُ الحميدِ بنُ بَيانٍ، قال: أخبرنا محمدُ بنُ يزيدَ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الأحوصِ، عن أبيه، قال: دخَلتُ على النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ:"أرأيتَ إبلَك، ألستَ تُنْتِجُها مُسَلَّمَةً آذانُها، فتأخُذَ المُوسَى فَتَجْدَعَها، تقولُ: هذه بحيرةٌ. وتشُقُّ، آذانَها، تقولُ: هذه صُرُمٌ (٥)؟ ". قال: نعم. قال:"فإنّ ساعِدَ اللَّهِ أَشدُّ، ومُوسَى اللَّهِ أَحَدُّ، كلُّ مالِكَ لك حلالٌ، لا يُحَرَّمُ عليك منه شيءٌ"(٦).
حدثَّنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن أبي
(١) في ص: "عن". (٢) اللسان (ب ح ر). (٣) في ص، س: "لأعطلنه"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لأعلطنك". والمثبت من اللسان. وعلط البعيرَ والناقةَ يعلِطهما ويعلُطهما علْطا وعلَّطهما: وسمهما بالعلاط. والعلاط: علامة في جانب العنق تكون خطا أو أكثر بالعرض. والعلط: أثر الوسم في جانب العنق اللسان (ع ل ط). (٤) في ص: "دسما". (٥) في النسخ: "حرم". والمثبت من بعض مصادر التخريج، قال البغوي في شرح السنة ١٢/ ٤٩: والصرم جمع الصريم؛ وهو الذي صُرم أذنه، أي: قطع. (٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٢٠ (٦٨٨٠)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٧٤٢)، والبغوى في شرح السنة (٣١١٨) من طريق أبي إسحاق به. وأخرجه أحمد ٢٨/ ٤٦٤ (١٧٢٢٨) من طريق أبي الأحوص به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٧، إلى عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر.