حينَئذٍ أكلُه؛ للثابت من الخبرِ عن رسولِ اللهِ ﷺ الذي حدَّثناه يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن ابن جريجٍ، وحدَّثني عبدُ اللهِ بنُ أبي زيادٍ، قال: ثنا مكيُّ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا عبدُ الملكِ بنُ جُريجٍ، قال: أخبرني محمدُ بنُ المنكدِرِ، عن معاذِ بن عبدِ الرحمنِ بن عثمانَ، عن أبيه عبدِ الرحمنِ بن عثمانَ، قال: كنا مع طلحةَ بن عبيدِ اللهِ ونحن حُرُمٌ، فأُهْدِى لنا طائرٌ، فمنا من أكَل، ومنا من تورَّع فلم يأكُلْ، فلما استيقظ طلحةُ وفَّق (١) من أكَل، وقال: أكَلناه مع رسولِ اللهِ ﷺ(٢).
فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ فيما رُوِى عن الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ، أَنه أَهْدَى إِلَى رسولِ اللهِ ﷺ رِجْلَ حمارِ وحشٍ يقطُرُ دمًا، فردَّه فقال:"إنا حُرُمٌ"(٣). وفيما رُوى عن عائشةَ، أن وَشِيقةَ ظَبْيٍ أُهدِيت إلى رسولِ اللهِ ﷺ وهو محرمٌ، فردَّها (٤). وما أَشْبَهَ ذلك من الأخبارِ؟
قيل: إنه ليس في واحدٍ من هذه الأخبارِ التي جاءت بهذا المعنى بيانٌ أن رسولَ اللهِ ﷺ ردَّ من ذلك ما ردَّ، وقد ذبَحه الذابحُ إذ ذبَحه وهو حلَالٌ لحلَالٍ، ثم أَهْدَاه إلى رسول الله ﷺ وهو حَرَامٌ، فردَّه، وقال:"إنه لا يحِلُّ لنا لأنا حُرُمٌ". وإنما ذُكِر فيه أنه أُهْدِى لرسولِ اللهِ ﷺ لحمُ صيدٍ فردَّه، وقد يجوزُ أن يكونَ ردُّه ذلك، من
(١) في م: "وافق" ووفق صوب فعل من أكل. (٢) أخرجه أحمد ٣/ ١٤ (١٣٩٢)، ومسلم (١١٩٧)، والنسائي (٢٨١٦)، وابن أبي شيبة (القسم الأول من الجزء الرابع) ص ٣٣٨ والبزار (٩٣١)، وأبو يعلى (٦٣٥)، وابن خزيمة (٢٦٣٨) والدارقطني في العلل ٤/ ٢١٦، من طريق يحيى بن سعيد به. وأخرجه أحمد ٣/ ٧ (١٣٨٣) والدارمي ٢/ ٣٩، والطحاوى في شرح المعاني ٢/ ١٧١، والبيهقى ٥/ ١٨٨ من طريق ابن جريج به. (٣) أخرجه أحمد ٢٦/ ٣٥١ (١٦٤٢٢). والبخارى (١٨٢٥، ٢٥٧٣، ٢٥٩٦)، ومسلم (١١٩٣)، والترمذى (٨٤٩)، والنسائى (٢٨١٨)، وابن ماجه (٣٠٩٠) من حديث ابن عباس. (٤) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٨٣٢٤، ٨٣٢٥)، وأحمد ٦/ ٤٠، ٢٢٥ (الميمنية).