مرةً أخرى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ من الحرامِ قبلَ أن يُحرَّمَ عليهم، ﴿إِذَا مَا اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا﴾، بعدَ ما حُرَّم عليهم (١)، وهو قولُه: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ (٢)[البقرة: ٢٧٥].
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثني أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾: يعنى بذلك رجالًا من أصحابِ النبيِّ ﷺ، ماتوا وهم يشرَبون الخمرَ قبلَ أن تحرَّمَ الخمرُ، فلم يكنْ عليهم فيها جُناحٌ قبل أن تحرَّمَ، فلما حُرِّمت قالوا: كيف تكونُ علينا حرامًا، وقد مات إخوانُنا وهم يشرَبونها؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ: ليس عليهم حَرَجٌ فيما كانوا يشرَبون قبلَ أن أُحرِّمَها، إذا كانوا محسنين متَّقين، ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٣).
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي
نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾: لمن كان يشرَبُ الخمرَ ممن قُتِل مع محمدٍ ﷺ بدرٍ وأُحدٍ (٤).
حُدِّثت عن الحسينِ بن الفَرَجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ الفضلَ بنَ خالدٍ، قال: ثنا
(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) ذكره الزيلعي في تخريج الكشاف ١/ ٤٢٢ عن المصنف، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٠٢ (٦٧٨٠)، وابن مردويه - كما في تخريج الكشاف من طريق أبى صالح عبد الله بن صالح، مقتصرا على آخره، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٢١ إلى ابن المنذر. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٢١ إلى ابن مردويه. (٤) تفسير مجاهد ص ٣١٤، ٣١٥.