في حقوقهم ومَواريثِهم إلى أهلِ دينِهم، إلا أن يَأْتوا راغبِيِن في حدٍّ يُحْكُمُ بينَهم فيه بكتابِ اللهِ (١).
حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ، قال: لمَّا نزَلَت: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾. كان النبي ﷺ إن شاء حكَم بينَهم وإن شاء أعْرَض عنهم، ثم نسَخَها فقال: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾. وكان مَجْبورًا على أن يَحْكُمَ بَينَهم (٢).
حدَّثنا محمدُ بنُ عمارٍ، قال: ثنا سعيدٌ بن سليمانَ، قال: ثنا عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، عن سفيانَ بن حسينٍ، عن الحكمِ عن مُجاهِدٍ، قال: آيتان نُسِخَتا مِن هذه السورة - يعنى "المائدة" - آيةُ القَلائدِ، وقولُه: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾. فكان النبيُّ ﷺ مُخَيَّرًا، إن شاء حكَم، وإن شاء أعْرَض عنهم، فردَّهم إلى (٣) أَن يَحْكُمَ بينَهم بما في كتابِنا (٤).
وأولى القولين في ذلك عندى بالصوابِ قولُ مَن قال: إن حكْمَ هذه الآيةِ ثابتٌ لم يُنسَخُ، وإن للحُكَّام - مِن الخيارِ في الحكمِ بينَ أهلِ العهدِ إذا ارْتَفَعوا إليهم فاحْتَكموا، وتَرْكِ الحكمِ بينَهم والنظر - مثلَ الذي جعَله اللهُ لرسولِه ﷺ مِن ذلك
(١) مصنف عبد الرزاق (١٠٠٠٧، ١٩٢٣٨). (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٣٦ في تفسيره عقب الأثر (٦٣٨٨) من طريق عمرو، عن أسباط به. (٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أحكامهم". (٤) أخرجه أبو عبيد في ناسخه ص ١٨١، ١٨٢ من طريق سفيان بن حسين به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٣٥ (٦٣٨٨) عن محمد بن عمار به، وأخرجه الطحاوى في المشكل (٤٥٤٠)، والنحاس في ناسخه ص ٣٩٧، والحاكم ٢/ ٣١٢، والبيهقى ٨/ ٢٤٨، ٢٤٩، من طريق سعيد بن سليمان، به، وأخرجه النسائي (٦٣٦٥،٧٢١٩)، والطبراني في الكبير (١١٠٥٤) من طريق عباد بن العوام، به. وعند جميعهم سوى أبي عبيد زيادة ابن عباس في إسناده.