وروَى سعيدُ بنُ أبي عَرُوبةَ عنه ما حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: كانت الفترةُ بينَ عيسى ومحمدٍ ﷺ، ذُكِر لنا أنها كانت ستَّمائةِ سنةٍ، أو ما شاء اللهُ من ذلك، اللهُ أعلمُ (٢).
حدثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا أبو سفيانَ، عن معمرٍ، عن أصحابِه قولَه: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾. قال: كان بينَ عيسى ومحمدٍ ﷺ خمسُمائةِ سنةٍ وأربعون سنةً. قال معمرٌ: قال قتادةُ: خمسُمائةِ سنةٍ وستون سنةً (٣).
وقال آخرون بما حُدِّثت عن الحسينِ بن الفرجِ، قال: سمِعت أبا معاذٍ الفضلَ بنَ خالدٍ، قال: أخبرنا عُبيد بنُ سليمانَ، قال: سمِعت الضحَّاكَ يقولُ في قولِه: ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾. قال: كانت الفترةُ بينَ عيسى و (٤) محمدٍ ﷺ أربعَمائةِ سنةٍ وبضعًا وثلاثين سنةً (٥).
ويعنى بقولِه: ﴿أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾: ألّا تقولوا، وكى لا تقولوا. كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦]. بمعنى: ألَّا تضِلُّوا، وكى لا تضِلُّوا.
فمعنى الكلامِ: قد جاءكم رسولُنا يبيِّنُ لكم على فترةٍ من الرسلِ، كي لا تقولوا: ما جاءنا من بشيرٍ ولا نذيرٍ. يُعْلِمُهم عزَّ ذكرُه أنه قد قطَع عُذْرَهم برسولِه
(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٨٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٩ إلى عبد بن حميد. (٢) طرف من الأثر المتقدم في ص ٢٧٤. (٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٦٥. (٤) بعده في ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بين". (٥) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٦٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٩ إلى المصنف.