فأذكُرُ لهم ما ذكَرتَ، فإن قبِلوه أقْبَلت معهم، وإن أدْبَروا كنت معهم. قال له:"ارجِعْ". فلما خرَج، قال:"لقد دخَل عليَّ بوجهِ كافرٍ، وخرَج من عندى بقفا (١) غادرٍ، وما الرجلُ مسلمٍ". فمرَّ على سَرْحٍ لأهلِ المدينةِ فانطَلق به، فطلَبه أصحابُ رسول اللهِ ﷺ ففاتهم، وقدِم اليمامةَ، وحضَر الحجُّ، فتَجهَّز (٢) خارجًا، وكان عظيمَ التجارةِ، فاستأذنوا أن يتلقَّوه ويأخُذوا ما معه، فَأَنْزَل اللهُ جل ثناؤه: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ الآية (٣).
حدثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَام﴾ الآية. قال: هذا يومَ الفتحِ، جاء ناسٌ يؤُمُّون البيتَ (٤) من المشركين، يُهِلُّون بعمرةٍ، فقال المسلمون: يا رسولَ اللهِ، إنما هؤلاء مشركون، فمثلُ هؤلاء فلن ندَعَهم إلا أن نُغِيرَ عليهم. فنزَل القرآنُ: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَام﴾ (٥).
حدثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَام﴾. يقولُ: من توجَّه حاجًّا (٦).
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرُو بنُ عَوْنٍ (٧)، قال: أخبرنا هُشيمٌ، عن جُوَيبرٍ (٨)،
(١) في ص، م: "بعقبى". (٢) في ص، م: "فجهز". (٣) ذكره القرطبي في تفسيره ٦/ ٤٣ ببعضه، وابن كثير في تفسيره ٣/ ٨ بنحوه. (٤) بعده في الأصل: "الحرام". (٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٥٥ إلى المصنف. (٦) تقدم تخريجه في ص ٢٦. (٧) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عوف". (٨) في الأصل: "جرير".