وقال آخرون: بل قالوا لما أنزل اللهُ جل ثناؤُه الآياتِ التي قبلَ هذه فى ذكرِهم: ما أنزل اللهُ على بشرٍ من شيءٍ، ولا على موسى، ولا على عيسى. فَأَنْزَل اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ (١)[الأنعام: ٩١].
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا أبو مَعشرٍ، عن محمدِ بنِ كعبٍ القُرْظىِّ، قال: أَنْزَل اللهُ: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾. إلى قولِه: ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾. فلما تلاها عليهم، يعنى على اليهودِ، وأَخْبَرهم بأعمالِهم الخبيثةِ، جحَدوا كلَّ ما أَنْزَلَ اللَّهُ، وقالوا: ما أنزل اللهُ على بشرٍ من شيءٍ، ولا على موسى، ولا على عيسى، وما أنزل اللهُ على نبىٍّ من شيءٍ. قال: فحلَّ حُبْوتَه (٢)، وقال: ولا على أحدٍ! فَأَنْزَل اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ (٣).
وأما قولُه: اوود ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾. فإن القرَأةَ اخْتَلفت فى قراءتِه؛ فقرَأته عامةُ قرأَةِ أمصارِ الإسلامِ غيرَ نفرٍ من قرأَةِ الكوفِة: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾. بفتحِ الزاىِ على التوحيدِ، بمعنى: وآتينا داودَ الكتابَ المسمَّى زبورًا.
(١) بعده فى م: "ولا على موسى ولا على عيسى". (٢) الحُبْوة: الاسم من الاحتباء، وهو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليه، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب. اللسان (ح ب و). (٣) ذكره ابن كثير فى تفسيره ٢/ ٤٢٢ عن المصنف. وبضم الزاى قرأ حمزة، وقرأ الباقون بفتح الزاى كالوجه الأول. حجة القراءات ص ٢١٩. (٤) بعده فى الأصل: "بمعنى".