قد تدخُلُ الباءُ مكانَ "عَلَى"، و "على" مكانَ الباءِ، كما يقالُ: مَرَرْتُ بفلانٍ، ومَرَرْتُ على فلانٍ. بمعنًى واحدٍ، وكقولِ اللهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٧٥]. يُريدُ (١): على قنطارٍ. فكان تأويلُ الآيةِ على معنى هؤلاء: أولئك الذين اختاروا الضلالةَ على الهدى. وأُراهم وجَّهوا معنى قولِ اللهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿اشْتَرَوُا﴾ إلى معنى. اخْتاروا؛ لأن العربَ تقولُ: اشْتَريتُ كذا على كذا، واسْتَرَيتُه. يعنُون: اخترتُه عليه. ومن الاسْتِراءِ (٢) قولُ أعْشى بني ثعلبةَ (٣):
فقد أُخْرِجُ الكاعبَ (٤) المُسْتَرا … ةَ (٥) من خِدْرِها وأُشِيعُ القِمَارَا
يَعني بالمشتراةِ (٦) المختارةَ.
وقال ذو الرُّمَّةِ في الاشتراءِ بمعنَى الاختيارِ (٧):
يذُبُّ القَصَايا (٨) عن شَرَاةٍ (٩) كأنَّها … جَماهيرُ (١٠) تحت المُدْجِناتِ (١١) الهَوَاضِبِ (١٢)
يعني بالشَّراةِ المختارةَ.
(١) في م: "أي". (٢) في ر، م: "الاشتراء". (٣) ديوانه ص ٤٥. (٤) الكاعب: الجارية التي نهد ثديها. اللسان (ك ع ب). (٥) في م: "المشتراة". (٦) في م: "بالمشتراة". (٧) ديوان ذي الرمة ١/ ٢١٢. (٨) القصايا: خيار الإبل، وقيل: القصية من الإبل رذالتها. وهو المراد هنا. اللسان (ق ص ى). (٩) في الديوان، واللسان (ق ص ى): "سراة"، وفي اللسان (ش ر ى): "شراة". (١٠) الجماهير جمع الجمهور: الرمل الكثير المتراكم الواسع. اللسان (جمهر). (١١) أدجن المطر: دام فلم يقلع أياما. اللسان (د ج ن). (١٢) الهضبة: المطرة الدائمة العظيمة القطر. اللسان (هـ ض ب).