يسجُدوا بسُجُودِك. ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾. يقولُ: فليسجُدُوا بسُجُودِك إذا سَجَدْتَ، ويَحرُسُك وإياهم الذين سَجَدوا بسُجُودِك في الركعةِ الأُولى ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾. يعنى الحارسةَ.
وأَوْلى الأقوالِ التي ذكَرناها بتأويلِ الآية قولُ مَن قال: معنى ذلك فإذا سَجَدَت الطائفةُ التي قامَت معك في صلاتِها ﴿فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾. يعني: مِن خلفِك وخلف مَن يَدخُلُ في صلاتك ممن لم يُصَلِّ معك الركعة الأُولى [بإزاء العدوِّ، بعد (١) فَراغِها مِن بَقِيَّةِ صلاتِها. ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى﴾ وهى الطائفةُ التي كانت بإزاءِ العدوِّ ﴿لَمْ يُصَلُّوا﴾. يقولُ: لم يُصَلُّوا معك الركعةَ الأولى] (٢). ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾. يقولُ: فليصَلُّوا معك الركعةَ التي بَقِيَت عليك، ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ﴾ [من عدوِّهم](٣) ﴿وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ لقتالِ عدوِّهم، بعدَ ما يفرَغون مِن صلاتِهم.
وذلك نظيرُ الخبرِ الذي رُوِى عن رسولِ اللهِ ﷺ، أنه فعله يومَ ذاتِ الرِّقاعِ، والخبرِ الذي رَوَى سهلُ بن أبي حَثْمةَ (٤).
وإنما قُلنا ذلك أولى بتأويلِ الآيةِ؛ لأن الله جل ثناؤُه قال: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾. وقد دلَّلنا على أن إقامتَها إتمامُها بركوعِها وسجودِها، ودلَّلنا مع ذلك على أن قولَه: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. إنما هو إذنٌ بالقَصْرِ مِن ركوعِها وسجودِها في حالِ شدةِ الخوفِ.
(١) في ص: "وبعد". (٢) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣، س. (٣) سقط من: م. (٤) ينظر ما تقدم في ص ٤٢٧، ٤٢٨.