وإنما اخْتَرنا ذلك؛ لاختلافِ الرواية في ذلك؛ فمن راوٍ روَى أنه اسْتَسلم بأن شهِد شهادةَ الحقِّ وقال: إنى مسلمٌ. ومِن راوٍ روَى أنه قال: السلامُ عليكم. فحيَّاهم تحيةَ الإسلامِ، ومن راوٍ روى أنه كان [مسلمًا بإسلامٍ](٥) قد تقدَّم منه قبلَ قتِلهم إيَّاه، وكلُّ هذه المعانى يَجْمَعُها السَّلَمُ؛ لأن المسلمَ مستسلِمٌ، والمحيِّىَ بتحيةِ الإسلامِ مستسلمٌ، والمتشهِّدَ (٦) شهادةَ الحقِّ مستسلمٌ لأهلِ الإسلامِ، فمعنى السَّلَمِ جامعٌ جميعَ المعانى التي رُوِيت في أمرِ المقتولِ الذي نزَلت في شأنِه هذه الآيةُ، وليس ذلك في السلامِ؛ لأن السلامَ لا وجهَ له في هذا الموضعِ إلا التحيةُ، فلذلك وصَفنا السَّلَمَ بالصوابِ.
واخْتَلف أهلُ التأويل في تأويل قولِه: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: كما كان هذا الذي قتلتموه بعد ما ألْقَى [السَّلَمَ إليكم](٧)
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) قرأ بها نافع وأبو جعفر، وابن عامر، وحمزة، وخلف. النشر ٢/ ١٨٩، والإتحاف ص ١١٦. (٣) قرأ بها ابن كثير، وعاصم، والكسائي، ويعقوب. المصدران السابقان. (٤) كلتا القراءتين متواترة. (٥) في ص، ت ٢، س: "متكلما بالإسلام". (٦) في الأصل: "المستشهد". (٧) في م، ص، ت ١، س: "إليكم السلام".