حدَّثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدَّثني حجَّاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال: قال (١) مجاهدٌ: شَياطينُهم أصحابُهم من المنافقين والمشركين.
فإن قال لنا قائلٌ: أرأيتَ قولَه: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾. فكيف قيلَ: ﴿خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾. ولم يقلْ: خَلَوا بشياطينِهم. فقد عَلِمْتَ أن الجاريَ بينَ الناسِ في كلامِهم: خَلَوتُ بفلانٍ. أكثرُ وأفْشَى من: خَلَوتُ إلى فلانٍ. ومن قولِك: إن القرآنَ أفصحُ البيانِ؟
قيل: قد اخْتَلف في ذلك أهلُ العلم بلغةِ العربِ، فكان بعضُ نحْويِّي البصرةِ يقولُ: يقالُ: خَلَوتُ إلى فلانٍ. إذا أُرِيد به: خلَوتُ إليه في [الحاجةِ خاصَّةً](٢)، لا يَحْتَملُ - إذا قيل كذلك - إلا الخلاءَ إليه في قضاءِ الحاجةِ. فأما إذا قيل: خَلَوتُ به. احْتَمل معنيين: أحدُهما، الخلاءُ به في الحاجةِ. والآخرُ، في (٣) السخريةِ به. فعلى هذا القولِ: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ لا شكَّ أفصحُ منه لو قيل: وإذا خَلَوا بشياطينِهم. لما في قولِ القائلِ: وإذا خَلَوا بشياطينِهم. من التباسِ المعنى على سامِعيه (٤)، الذي هو مُنْتَفٍ عن قولِه: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾. فهذا أحدُ الأقوالِ.
والقولُ الآخرُ:[أن تُوجِّهَ](٥) معنى قولِه: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾:
(١) في ص: "وقال". (٢) في ص، ت ١، م: "حاجة خاصة". (٣) سقط من: ص. (٤) في ص: "سامعه". (٥) في ص، ت ٢: "فأن توجه"، وفي م: "أن توجيه".