ويَتْرُكوا ديارَهم؟ تُسْتَحَلُّ دماؤُهم وأموالُهم لذلك؟ فكانوا كذلك فتتين، والرسولُ ﵊ عندَهم لا يَنْهَى واحدًا من الفريقين عن شيءٍ، فنزَلَت: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾ الآية (١).
حدَّثنا بشر بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قولَه: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ الآيةَ: ذُكِر لنا أنهما كانا رجلَينْ مِن قريشٍ، كانا مع المشركين بمكةَ، وكانا قد تكلَّما بالإسلامِ، ولم يُهاجِرا إلى النبيِّ ﷺ، فلقِيَهما ناسٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، وهما مُقْبِلان من مكة، فقال بعضُهم: إن دماءهما وأموالَهما حَلالٌ. وقال بعضُهم: لا تَحِلُّ لكم. فتشاجَروا فيهما، فأنْزَل اللهُ في ذلك: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ حتى بلغ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ﴾ (٢).
حدَّثنا القاسم [قال: حدَّثنا الحسينُ](٣)، قال: ثنا أبو سفيانَ، عن معمرِ بن راشدٍ، قال: بلَغَنى أن ناسًا مِن أهلِ مكةَ كتَبوا إلى النبيِّ ﷺ أنهم قد أسْلَموا، وكان ذلك منهم كذبًا، فلقُوهم، فاخْتَلَف فيهم المسلمون، فقالت طائفةٌ: دماؤُهم حلالٌ. وقالت طائفةٌ: دماؤهم حَرامٌ. فأنزَل اللهُ: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ (٤).
حُدِّثْتُ عن الحسينِ بن الفرجِ، قال: سمِعْتُ أَبا مُعاذٍ، يقولُ: أَخْبَرَنَا عُبيدٌ،
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٢٣ (٥٧٤١) عن محمد بن سعد به. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٩٠ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر. (٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، وينظر تهذيب الكمال ١٢/ ١٦٢، ٢٥/ ١٠٩. (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٩٠ إلى المصنف.