قال أبو جعفرٍ ﵀: يعنى بقوله جلَّ ثناؤُه: ﴿وَرَاعِنَا﴾: وراعنا سمعك؛ افهَمْ عَنَّا وأفهِمْنا.
وقد بيَّنَّا تأويلَ ذلك في سورةِ البقرةِ بأدلته بما فيه الكفايةُ عن إعادتِه (١).
ثم أخبرَ اللهُ جلَّ ثناؤُه عنهم أنهم يقولون ذلك لرسول اللهِ ﷺ ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾. يعنى: تَحْريكًا منهم ألسنتَهم (٢) بتَحريفٍ منهم لمعناه إلى المكروهِ مِن مَعْنَيَيه، واستخفافًا منهم بحقِّ النبيِّ ﷺ ﴿وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾.
كما حدَّثني الحسنُ (٣) بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، قال: قال قتادةُ: كانت اليهودُ يقولون للنبيِّ ﷺ: راعِنا سمعَك، يَسْتهزئون بذلك، فكانت في (٤) اليهودِ قبيحةً، فقال اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَرَاعِنَا﴾ سمعَك، ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ والليُّ: تَحْريكُهم ألسنتَهم بذلك، ﴿وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾ (٥).
حُدِّثتُ عن الحسينِ بن الفرجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عُبَيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾: كان الرجلُ مِن المشركين يقولُ: أَرْعِنى سمعَك. يَلْوى بذلك لسانَه، يعني: يُحَرِّفُ معناه.
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن
(١) تقدم في ٢/ ٣٧٣. (٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بألسنتهم". (٣) في الأصل: "الحسين". (٤) سقط من: م. (٥) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٦٣. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٦٨ إلى ابن المنذر. وينظر ما تقدم في ٢/ ٣٧٥.