إن اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِن أحدٍ شيئًا إلا ممَّن وحَّده. فيقولون: تَعَالَوْا نَقُل (١). فَيَسْأَلُهم، فيقولون: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾. قال: فيَخْتِمُ اللَّهُ على أفواهِهم، ويَسْتَنْطِقُ جوارحَهم، فتَشْهَدُ عليهم جوارحُهم أنهم كانوا مشركين، فعند ذلك تَمَنَّوْا لو أن الأرضَ سُوِّيت بهم، ولا يَكْتَمون الله حديثًا (٢).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: حدثني أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾. يعنى: أن تُسَوَّى (٣) الأرضُ بالجبالِ [والأرضُ](٤) عليهم (٥).
فتأويلُ الآيةِ على هذا القولِ الذي حكَيْناه عن ابن عباسٍ: يومَئِذٍ يَوَدُّ الذين كَفَروا وعَصَوا الرسولَ لو تُسَوَّى بهِمُ الأرضُ [ولم يَكتُموا](٦) الله حديثًا. [كأنهم تَمَنَّوْا أنهم سُوُّوا معَ الأرضِ، وأنهم لم يكونوا كتَموا الله حديثًا](٧).
وقال آخرون: معنى ذلك: يومئذٍ لا يَكْتُمون الله حديثًا، ويَوَدُّون لو تُسَوَّى
(١) في م، س: "نجحد". وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "فصل". (٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٢/ ٢٧٠ نقلا عن المصنف. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١٦٤/ ٢ إلى المصنف عن جويبر عن الضحاك. و "نقل" "من" "القول"، يراد به الكذب أو التعريض به. ينظر ما قاله الشيخ محمود شاكر في تفسير الطبرى ٨/ ٣٧٤ حاشية (٢). (٣) في الأصل، ت ١: "تستوى". (٤) سقط من: م. (٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٥٧ (٥٣٤٦) عن محمد بن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٦٤ إلى المصنف. (٦) في م، ت ٢، ت ٣: "ولا يكتمون". (٧) في الأصل: "ويودون لو تسوى بهم الأرض".