والشَّقَاقُ مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: شاق فلانٌ فلانًا. إذا أتى كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبِه ما يَشُقُّ عليه من الأمورِ -فهو يُشَاقُّه مُشَاقَّةٌ وشِقاقًا، وذلك قد يكونُ عَداوةً.
كما حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ في قولِه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾. قال: إن ضَرَبها فَأَبَت أن تَرْجِعَ وشَاقَّتْه. يقولُ: عادَتْه.
وإنما أُضِيفَ "الشَّقاقُ" إلى "البَينِ"؛ لأن البَيْنَ قد يكونُ اسمًا، كما قال جلّ ثناؤُه:(لقد تقطَّعَ بَيْنُكم)[الأنعام: ٩٤]. فى قراءةِ مَن قرَأ ذلك (١).
وأما قولُه: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾. فَإِن أَهْلَ التأويلِ اختَلَفوا فى المُخاطَبِين بهذه الآيةِ؛ من المأمورُ ببَعْثَةِ الحكمَين؟ فقال بعضُهم: المأمورُ بذلك السلطانُ الذي يُرْفَعُ ذلك إليه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: ثنا عبدُ الوهابِ، قال: ثنا أيوبُ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ أنه قال في المُخْتَلِعَةِ: يَعِظُها، فإن انتَهَت وإلا هَجَرها، فإن انتهت وإلا ضَرَبها، فإن انتَهَت وإلا رَفَع أمرَها إلى السلطانِ، فيَبعَثُ حَكَمًا من أهلِه وحَكَمًا من أهلِها، فيقولُ الحَكَمُ الذى من أهلِها: يَفعَلُ بها كذا. ويقولُ الحَكَمُ الذى مِن أهلِه: تَفعَلُ به كذا (٢). فأيُّهما كان الظالمَ (٣) ردَّه السلطانُ، وأخذ فوقَ يَديه، وإن
(١) أي برفع البين، وسيأتى تخريج هذه القراءة في موضعها من التفسير. (٢) بعده في ص، ت ٢: "وتفعل به كذا". (٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الحكم".