وفى دَلالةِ قولِه: ﴿أَيْمَانُكُمْ﴾. على أنها أيمانُ العاقِدين والمعقودِ عليهم الحِلفُ، مستغنًى عن الدَّلالةِ على ذلك بقراءةِ قولِه: ﴿عَقَدَتْ﴾، (عاقدَتْ). [وذلك](١) أن الذين قرَءوا ذلك: (عاقَدَتْ). قالوا: لا يَكُونُ عَقْدُ الحِلْفِ إلا مِن فريقين، ولابدَّ لنا مِن دَلالةٍ في الكلامِ على أن ذلك كذلك. وأغفَلوا موضعَ دَلالةِ قولِه: ﴿أَيْمَانُكُمْ﴾. على أن معنى ذلك: أيمانُكم وأيمانُ المعقودِ عليهم، وأن العقْدَ إنما هو صفةٌ للأيمانِ دونَ العاقِدين الحِلْفَ. حتى زعَم بعضُهم أن ذلك إذا قُرِئ: ﴿عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. [فالكلامُ](٢) محتاجٌ إلى ضميرِ [صفةٍ تَقِي](٣) الكلامَ حتى يَكُونَ الكلامُ معناه: والذين عقَدت لهم أيمانُكم. ذَهابًا منه عن الوجهِ الذي قلنا في ذلك؛ مِن أن الأيمانَ معنيٌّ بها أيمانُ الفريقين.
وأما:(عاقَدَت أيمانُكم). فإنه فى تأويلِ: عاقدت أيمانُ هؤلاء أيمانَ هؤلاء الحِلْفَ. فهما متقاربا المعنى، وإن كانت قراءةُ مَن قرَأ ذلك: ﴿عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. بغيرِ (٤) ألفٍ، أصحَّ معنًى مِن قراءةِ مَن قرَأه:(عَاقَدَتْ). للذى ذكَرنا مِن الدَّلالةِ على المعنيِّ (٥) في صفةِ الأيمانِ بالعقدِ، على أنها أيمانُ الفريقين مِن الدَّلالةِ على ذلك بغيرِه.
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ذلك". (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "والكلام". (٣) فى م: "صلة فى"، ويقصد بالضمير هنا: الإضمار، وبالصفة: حرف الجر. ينظر ما تقدم في ١/ ٣١٠، ٤٥٣. (٤) فى س: "من غير". (٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "المعنيه". وجعل الشيخ شاكر العبارة هكذا: الدلالة المغنية. وينظر تفسيره للضمائر في هذه الجملة.