يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾. محذوفٌ، غيرَ أنه لم يُحذَفْ إلا وفى الكلامِ ما قام مقامَ المحذوفِ؛ لأن ﴿هُوَ﴾ عائدُ البخلِ، و ﴿خَيْرًا لَهُمْ﴾ عائدُ الأسماءِ، فقد دلَّ هذان العائدان على أن قبلَهما اسمين، واكتفى بقولِه: ﴿يَبْخَلُونَ﴾. مِن البخلِ. قال: وهذا إذا قُرِئَ بالتاءِ، فالبخلُ قبلَ ﴿الَّذِينَ﴾، وإذا قُرِئ بالياءِ، فالبخلُ بعدَ ﴿الَّذِينَ﴾، وقد اكتفى بـ ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ من البخلِ، كما قال الشاعرُ (١):
إذا نُهِى السَّفيهُ جَرَى إليه (٢) … وخالَف والسفيهُ إلى خِلافِ
كأنه قال: جَرَى إلى السَّفَهِ. فاكتَفى [بالسَّفيهِ من السَّفهِ](٣)، كذلك اكتَفى بـ ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ من البخلِ.
وأولى القراءتين بالصوابِ في ذلك عندِى قراءةُ مَن قرأ:(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ). بالتاءِ، بتأويلِ: ولا تحسبَنَّ أنت يا محمدُ بخلَ الذين يبخَلون بما آتاهم اللَّهُ من فضلِه هو خيرًا لهم. [ثم (٤) ترَك ذكرَ البخلِ (٥)؛ إذ كان في قولِه: ﴿هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾] (٦). دَلالةٌ على أنه مرادٌ في الكلامِ، إذ كان قد تقدَّمَه قولُه: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
وإنما قلنا: قراءةُ ذلك بالتاءِ أولى بالصوابِ من قراءتِه بالياءِ؛ لأن المَحْسَبةَ من
(١) البيت في معاني القرآن للفراء ١/ ١٠٤، ٢٤٩، ومجالس ثعلب ١/ ٧٥، والخزانة ٤/ ٣٦٤، غيرَ منسوب. (٢) في س: "إليها". (٣) في ص، ت ١، س: "بالسفيه بالسفه"، وفى م: "عن السفه بالسفيه". (٤) في ص: "من". (٥) سقط من: ص، ت ١. (٦) سقط من: ت ١، ت ٢، س.