الذين اتَّبَعوا رسولَ اللَّهِ ﷺ إلى حَمراءِ الأسَدِ في طلبِ العدوِّ؛ أبي سفيانَ، ومن كان معه من مشرِكي قريشٍ، مُنْصرَفَهم عن أُحدٍ، وذلك أن أبا سفيانَ لما انصرَف عن أُحدٍ خرَج رسولُ اللَّهِ ﷺ في أثَرِه، حتى بلَغ حَمراءَ الأسَدِ، وهي على ثمانيةِ أميالٍ من المدينةِ، لِيُرِىَ الناسَ أن به وأصحابِه قوةً على عدوِّهم.
كالذي حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، قال: ثنى حسينُ (١) بنُ عبدِ اللَّهِ، عن عكرمةَ، قال: كان يومُ أُحدٍ يومَ السبتَ للنصفِ من شوَّالٍ، فلما كان الغدُ من يومِ أُحدٍ، يومَ الأحدِ لستَّ عشْرةَ ليلةً مضَت من شوَّالٍ، أذَّن مؤذِّنُ رسولِ اللَّهِ ﷺ في الناسِ بطلَبِ العدوِّ، وأذَّن مؤذِّنُه: أن لا يخرُجَنَّ معنا أَحدٌ إلا من حضَر يومَنا بالأمسِ. فكلَّمه جابرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بن عمرِو بن حَرامٍ فقال: يا رسولَ اللَّهِ، إن أبي كان خلَّفني على أخواتٍ لى سبعٍ، وقال لي: يا بُنيَّ، إنه لا ينبغى لى ولا لك أن نترُكَ هؤلاء النسوةَ لا رجلَ فيهن، ولستُ بالذي أُوثِرُكَ بالجهادِ مع رسولِ اللَّهِ ﷺ على نفْسي، فتخلَّفْ على أخواتِك. فتخلَّفتُ عليهنَّ. فأذِن له رسولُ اللَّهِ ﷺ، فخرَج معه، وإنما خرَج رسولُ اللَّهِ ﷺ مُرْهِبًا للعدوِّ؛ ليبلِّغَهم أنه خرَج في طلبِهم، ليظنُّوا به قوةً وأن الذي أصابهم لم يُوهِنْهم عن عدوِّهم (٢).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، قال: فحدثني عبدُ اللَّهِ بنُ خارجةَ بن زيدِ بن ثابتٍ، عن أبي السائبِ مولى عائشةَ بنتِ عثمانَ، أن رجلًا من أصحابِ رسولِ اللَّهِ ﷺ من بنى عبدِ الأَشْهِل، كان شهِد شهد أُحدًا قال:
(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حسان". ينظر تهذيب الكمال ٦/ ٣٨٣. (٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١٠١، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٣٤ بهذا الإسناد، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٢ إلى المصنف.