عنكم، ولكن لا نظنُّ أن يكونَ قتالٌ، فظهَر منهم ما كانوا يُخفون في أنفسِهم. يقولُ اللهُ ﷿: ﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ [يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾. أي: يُظهرون لكم الإيمانَ](١)، وليس في قلوبهِم، ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾: أي: بما يُخفون (٢).
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ، خرَج رسولُ اللهِ ﷺ يعنى يومَ أحدٍ - في ألفِ رجلٍ، وقد وعَدهم الفتحَ إن صبَروا؛ فلما خرَجوا رجَع عبدُ اللهِ بنُ أبيٍّ ابن سلولَ في ثلاثِمائةٍ، فتبِعهم أبو جابرٍ السُّلَميُّ يَدْعوهم، فلما غلَبوه وقالوا له: ما نعلَمُ قتالًا، ولئن أَطَعْتَنا لترجِعَنَّ معنا. قال: فذكَر اللهُ جل وعز أصحابَ عبدِ اللهِ بن أُبيٍّ ابن سلولَ، وقولَ [عبدِ اللهِ أبى جابرِ بن عبدِ اللهِ](٣) الأنصاريِّ حينَ دعاهم، فقالوا: ما نعلَمُ قتالًا، ولئن أَطَعْتُمونا لترجِعُنَّ معنا. فقال: ﴿الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ﴾ (٤).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجَّاجٌ، قال: قال ابن جُريجٍ: قال عكرمةُ: ﴿قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ﴾. قال: نزَلت في عبدِ اللهِ بْنِ أَبِيٍّ ابن سلولَ (٤). قال ابن جُريجٍ: وأخبرنى عبدُ اللهِ بنُ كَثِيرٍ، عن مجاهدٍ: ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا﴾. قال: لو نعلَمُ أنا واجِدون معكم قتالًا، لو نعلَمُ مكانَ قتالٍ لاتَّبعناكم (٥).
واخْتَلفوا في تأويلِ قولِه: ﴿أَوِ ادْفَعُوا﴾؛ فقال بعضُهم: إن معناه: أو
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. (٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٨. (٣) في م: "عبد الله بن جابر بن أبى عبد الله". وهو خلط وتحريف. (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٩٤ إلى المصنف. (٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٩٤ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.