وإنما قيل: ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾. [فَأَصحَب ماضىَ](٣) الفعلِ الحرفَ الذي لا يَصْحَبُ مع الماضي منه إلا المستقبلُ، فقيل: ﴿وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ﴾. ثم قيل: ﴿إِذَا ضَرَبُوا﴾. وإنما يُقالُ في الكلامِ: أكْرَمْتُك إذ زُرْتَنى. ولا يُقالُ: أَكْرَمْتُكَ إِذَا زُرْتَني. لأن القولَ الذي في قولِه: ﴿وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ﴾. وإن كان في لفظِ الماضي، فإنه بمعنى المستقبلِ. وذلك أن العربَ تَذْهَبُ بـ"الذين" مذهبَ الجَزَاءِ، وتُعامِلُها في ذلك مُعاملةَ "من" و "ما"؛ لتقاربِ معاني ذلك في كثيرٍ من الأشياءِ، وأَنَّ جَميعَهُنَّ (٤) أشياءُ مَجهولاتٌ غيرُ مُوَقَّتاتٍ (٥) توقيتَ عمرو وزيدٍ. فلمَّا كان ذلك كذلك، وكان صحيحًا في الكلامِ فَصيحًا أن يُقال للرجلِ: أكْرِمْ مَن أَكْرَمَك، وأَكْرِمْ كُلَّ رجلٍ أكْرمَك. فيَكونُ الكلامُ خارجًا بلفظِ الماضي مع "مَن"، و "كلٌّ" مجهولٌ،
(١) الأوْل: الرجوع. اللسان (أول). (٢) إلا دَهٍ فلا دَه. معناه: إن لم يكن هذا الأمر الآن فلا يكون بعد الآن. واختلف في أصل هذه الكلمة اختلافًا كثيرا، ينظر في اللسان (دهده). (٣) في م: "بإصحاب ماضى"، وفى س: "فأصبحت ما مضى". (٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "جمعهن". (٥) غير الموقت هنا هو الاسم الموصول، فهو معرفة غير موقتة؛ لأنه لا يحدد المراد منه تعيينا. ينظر المصطلح النحوى ص ١٦٨، ومصطلحات النحو الكوفي ص ١٤٩.