قال ابن جُريجٍ: وقولُه: ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾: إذ لم يُعاقِبْهم (١).
حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: فرَّ عثمانُ بنُ عفانَ، وعقبةُ بنُ عثمانَ وسعدُ بنُ عثمانَ - رجلان مِن الأنصارِ - حتى بلَغوا الجَلْعَبَ - جبلٌ بناحيةِ المدينةِ مما يَلِى (٢) الأعْوَصَ (٣) - فأقاموا به ثلاثًا، ثم رجَعوا إلى رسولِ اللهِ ﷺ، فقال لهم:"لقد ذهَبْتُم فيها عريضةً (٤) ".
حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ قولَه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾ الآية: والذين اسْتَزَلَّهم الشيطانُ عثمانُ بنُ عفانَ، وسعدُ بنُ عثمانَ وعقبةُ بنُ عثمانَ، الأنصاريان ثم الزُّرَقيَّان (٥).
وأما قولُه: ﴿وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾. فإن معناه: ولقد تَجاوَز اللهُ عن الذين توَلَّوْا منكم يومَ الْتَقى الجَمْعان أن يُعاقِبَهم بتَوَلِّيهم عن عدوِّهم.
كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، قال: قال ابن جُرَيْجٍ قولَه: ﴿وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ يقولُ: ولقد عفا اللهُ إذ لم يُعاقِبْهم (٦).
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٨ إلى المصنف دون قول ابن جريج. (٢) في س: "بين". (٣) الأعوص: موضع قرب المدينة. معجم البلدان ١/ ٣١٧. (٤) عريضة: واسعة. النهاية ٣/ ٢١٠. (٥) سيرة ابن إسحاق ص ٣١١ عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن جده بأطول مما هنا. ومن طريق ابن إسحاق أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٢٢. وعزاه ابن كثير في البداية والنهاية ٥/ ٣٩١ إلى الأموى في مغازيه. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٩ إلى ابن المنذر. (٦) ذكره الطوسى في التبيان ٣/ ٢٥ عن ابن جريج.