فهذه الأخبارُ التي ذكَرنا بعضها عن رسولِ اللهِ ﷺ أنه قال لأصحابِه:"تَسَوَّمُوا فإن الملائكةَ قد تَسَوَّمَتْ". وقولُ أبى أُسَيْدٍ: خَرَجَت الملائكةُ فى عمائمَ صُفْرٍ قد طَرَحوها بيَن أكتافِهم. وقولُ مَن قال منهم: ﴿مُسَوِّمِينَ﴾. مُعَلِّمِين. يُنْبِئُ جميعُ ذلك عن صحةِ ما اختَرنا من القراءةِ فى ذلك، وأن التَّسويَم كان من الملائكةِ بأنفسِها، على نحوِ ما قلنا في ذلك فيما مضَى.
وأما الذين قرَءوا ذلك:(مُسَوَّمِينَ). بالفتحِ، فإنهم أُرَاهم تأوَّلوا في ذلك ما حدَّثنا به حُمَيدُ بنُ مَسْعَدةَ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، عن عثمانً بنِ غِياثٍ: عن عن عِكْرمة: (بخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوَّمِين). يقولُ: عليهم سيما القتالِ (٢).
حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ:(بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوَّمِين). يقولُ: عليهم سِيما القتالِ، وذلك يومَ بدرٍ، أَمَدَّهم اللهُ بخمسةِ آلافٍ من الملائكةِ مُسَوَّمين (٣).
[حُدِّثتُ عن عمارٍ، عن ابنِ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾](٤). يقولُ: عليهم سيما القتالِ.
فقالوا: كان سيما القتالِ عليهم، لا أنهم كانوا تَسَوَّموا بسيما فيُضافُ إليهم التسويمُ. فمن أجلِ ذلك قرَءوا:(مسوَّمين). بمعنى أن اللهَ تعالى أضاف التسويمَ إلى
(١) أخرجه ابن عساكر ١٨/ ٣٥٣ من طريق أحمد بن يحيى الصوفى به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٧٠ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن مردويه. (٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٣/ ٧٥٥ عقب الأثر (٤١١٥) عن عكرمة معلقا، وعزاه السيوطي فى الدر المنثور ٢/ ٧٠ إلى عبد بن حميد. (٣) أخرجه ابن أبى حاتم ٣/ ٧٥٥ (٤١١٥) إلى قوله: "القتال" من غير هذا الطريق، وذكره ابن كثير فى تفسيره ٢/ ٩٤. و أخرج ابن أبى حاتم باقيه في ٣/ ٧٥٤ (٤١٠٥) من طريق يزيد به (٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.