حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ فى قولِه: ﴿وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا﴾. قال: غَضَبٌ لهم -يعنى الكفارَ- فلم يُقاتِلوهم عندَ تلك الساعةِ، وذلك يومَ أُحدٍ (٢).
حدَّثنى القاسمُ، قال: ثنا الحسيُن، قال: ثنى حَجَّاجٌ، قال: قال ابنُ جُرَيجٍ، قال مجاهدٌ: ﴿مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا﴾. قال: من غضبِهم هذا (١).
حُدِّثت عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ، قال: أخبَرنا عُبَيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمعتُ الضحاكَ فى قولِه: ﴿وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا﴾. يقولُ: من وَجْههم وغضبِهم (٣).
وأصلُ الفَوْرِ، ابتداءُ الأمرِ يؤخَذُ (٤) فيه ثم يُوصَلُ بِآخَرَ، يقالُ منه: فازَت القِدْرُ، فهى تَفورُ فَوْرًا وفَوَراناً. إذا ابتَدَأ ما فيها بالغَليانِ ثم اتَّصَل. ومَضَيتُ إلى فلانٍ من فَوْرِى ذلك. يُراد به: مِن وَجْهى الذى ابْتَدَأَتُ فيه.
فالذي قال في هذه الآيةِ: معنى قولِه: ﴿مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا﴾: من وَجْهِهِم هذا. قَصَد إلى أن تأويلَه: ويأتِيكم كُرْزُ بنُ جابرٍ وأصحابُه يومَ بدرٍ، من ابتداءِ مَخْرَجهم الذى خَرَجوا منه، لنُصْرةِ أصحابِهم من المشركين.
وأما الذين قالوا: معنى ذلك: من غضبِهم هذا، فإنما عَنَوا أن تأويلَ ذلك: ويأتيكم كفارُ قريشٍ وتُبَّاعُهم يومَ أُحُدٍ، من ابتداءِ غَضَبِهم الذي غَضِبوه لقتلاهم
(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٩ إلى عبد بن حميد والمصنف. (٢) تفسير مجاهد ص ٢٥٩. (٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٩ إلى المصنف، وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٣/ ٧٥٣ عقب الأثر (٤١٠٣) معلقًا. (٤) في ص، م: "يوجد". وأخذ فى الأمر: شرع فيه. الوسيط (أ خ ذ).