عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ، عن بعض بني ساعدةَ، قال: سمِعتُ أبا أُسَيدٍ مالك بنَ ربيعةَ، بعدَ ما أُصِيب بصرُه يقولُ: لو كنتُ معكم ببدرٍ الآنَ، ومعى بَصَرى، لأخبَرْتكم بالشِّعْبِ (١) الذى خَرَجَت منه الملائكةُ، لا أَشُكُّ ولا أَتَمارَى (٢).
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، قال: قال ابنُ إسحاقَ، وثنى عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ، عن بعضِ بني ساعدةَ، عن أبي أُسَيدٍ مالك بنِ ربيعةَ، وكان شهد بدرًا: أنه قال بعدَ إذ ذهب بصرُه: لو كنتُ معكم اليومَ ببدر، ومعى بَصَرى، لأريتُكم الشِّعْبَ الذى خَرَجَت منه الملائكةُ، لا أَشُكُّ ولا أَتَمارَى (٣).
حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، قال: وثنى عبدُ اللهِ ابنُ أبي بكر أنه حُدِّث عن ابنِ عباسٍ، أن ابنِ عباسٍ، قال: ثنى رجلٌ من بنى غِفَارٍ، قال: أقبَلتُ أنا وابنُ عَمٍّ لى، حتى أَصْعَدْنا في جبلٍ يُشْرِفُ بنا على بدرٍ، ونحن مُشْرِكان، نَنتظِرُ الوقعةَ على من تكونُ الدَّبْرةُ (٤)، فنتَهِبُ مع من يَنْتَهِبُ. قال: فبينا نحن في الجبلِ، إذ دَنَت مِنَّا سحابةٌ، فسَمِعنا فيها حَمْحَمةَ الخيلِ، فسَمِعتُ قائلًا (١) يقولُ: أَقدِمْ حَيْرُومُ (٥). قال: فأما ابنُ عمِّى فانكَشَف قِناعُ (٦) قلبِه، فمات مكانَه، وأما أنا فكِدْتُ أهْلِكُ، ثم تماسَكْتُ (٧).
(١) في ص: "بالبعث"، وفى ت ١: "بالنقب". (٢) أخرجه البيهقى فى الدلائل ٣/ ٥٢، ٥٣ من طريق يونس بن بكير به. (٣) سيرة ابن هشام ١/ ٦٣٣. (٤) الدبرة: أى الدولة والظفر والنصرة، وتفتح الباء وتسكن، ويقال: على من الدبرة أيضًا أى الهزيمة. النهاية ٢/ ٩٨. (٥) حيزوم: جاء في التفسير أنه اسم فرس جبريل ﵇، والحيزوم لغة هو الصدر. وقيل وسطه. النهاية ١/ ٤٦٧. (٦) قناع القلب: غشاؤه، تشبيها بقناع المرأة. النهاية ٤/ ١١٤. (٧) سيرة ابن هشام ١/ ٦٣٣، وأخرجه المصنف في تاريخه ٣/ ٤٥٣، وعنه الأصفهاني في الأغانى ٤/ ١٩٨ =