يقولُ تعالى ذكرُه: فكذلك فِعْلُ اللَّهِ بنفقةِ الكافرِ وصدقتِه في حياتِه حينَ يَلْقاه، يُبْطِلُ ثَوابَها، ويُخيبُ رجاءَه منها.
وخَرَج المثَلُ للنفقةِ، والمرادُ بالمثَلِ صنيِعُ اللهِ بالنفقةِ، يُبَيِّنُ ذلك قولُه: ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾. فهو كما قد بَيَّنَّا فى مثلِه مِن قولِه: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧]. وما أشبَه ذلك.
فتأويلُ الكلامِ: مَثَلُ إبطالِ اللَّهِ أَجرَ ما يُنْفِقون في هذه الحياةِ الدنيا، كمثلِ ريحٍ فيها صِرٌّ. وإنما جاز تَرْكُ ذِكْرِ إبطالِ اللهِ أجرَ ذلك لدلالةِ آخِرِ الكلامِ عليه، وهو قولُه: ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾. والمعرفةِ السامعِ ذلك معناه.
واختلف أهلُ التأويلِ في معنى "النفقةِ" التي ذكَرها في هذه الآيةِ؛ فقال بعضُهم: هي النَّفقة المعروفة في الناسِ.
ذكر مِن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول الله ﷿ ﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. قال: نَفَقةُ الكافر في الدنيا (١).
وقال آخرون: بل (٢) الذى يقولُه بلسانه مما لا يُصَدِّقُه قلبه (٣).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٤١ (٤٠٢٤) من طريق ابن أبي نجيح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٦٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٢) بعده فى ص، م، ت ١، ت ٢، س: "ذلك قوله". (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بقلبه".