ورسولِه، هؤلاء الفاسقون من أهلِ الكتابِ شيئًا، بكفرِهم وتكذيبِهم نبيَّكم محمدًا ﷺ، ﴿إِلَّا أَذًى﴾. يعنى بذلك: ولكنهم يُؤْذُونَكم بشركِهم وإسماعِكم كفرَهم، وقولِهم في عيسى وأمِّه وعُزَيرٍ، ودعائِهم إياكم إلى الضلالةِ، ولا يَضُرُّونكم (١) بذلك.
وهذا مِن الاستثناءِ المنقطعِ الذي هو مخالفٌ معنى ما قبلَه، كما قيل: ما أشتكى شيئًا إلا خيرًا. وهذه كلمةٌ محكيةٌ عن العربِ سماعًا.
وبنحوِ ما قلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولهَ: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾. يقولُ: لن يَضُرُّوكم إلا أذًى تَسْمَعونه منهم (٢).
حُدِّثت عن عمارٍ، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾. قال: أَذًى تَسْمَعونه منهم (٣).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ قولَه: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾. قال: إشراكُهم في عُزَيرٍ وعيسى والصليبِ (٤).
حدَّثنى محمدُ بنُ سنانٍ، قال: ثنا أبو بكرٍ الحنفىُّ، عن عبادٍ، عن الحسنِ في
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يضروكم". (٢) عزاه السيوطى في الدر المنثور ٢/ ٦٤، إلى المصنف وعبد بن حميد. (٣) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٣/ ٧٣٤ عقب الأثر (٣٩٨٤) من طريق ابن أبى جعفر به. (٤) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٣/ ٧٣٥ (٣٩٨٥) من طريق ابن ثور، عن ابن جريج.