بِتُّ أُعَشِّيها بعَضْبٍ (١) باتِرِ … يَقْصِدُ في أَسْوقِها وجَائِرِ
وأمَّا "المَهْدُ" فإنه يعنى به مَضْجَعَ الصبيِّ في رَضاعه.
كما حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، قال: قال ابن عباس: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ﴾ قال: مَضْجَعُ الصَّبيِّ في رَضَاعِه (٢).
وأما قوله: ﴿وَكَهْلًا﴾. فإنه: ومُحْتَنِكًا فوقَ الغُلُومةِ ودونَ الشيخوخة، يقالُ منه: رجُلٌ كَهْلٌ، وامرأَةٌ كَهْلَةٌ. كما قال الراجزُ (٣):
ولا أعُودُ بعدها كَريّا
أُمَارِسُ الكَهْلَةَ وَالصَّبيَّا
وإنما عَنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾: ويُكَلِّمُ الناسَ طفلًا في المهدِ - دَلالةً على براءةِ أُمِّه مما [قرفها به](٤) المُفتَرون عليها، وحجةً له على نُبُوَّتِه - وبالغًا كبيرًا بعدَ احتناكِه، بوحي الله الذي يُوحيه إليه، وأمره ونهيِه، وما يُنزلُ (٥) عليه مِن كتابِه، وإنما أخبرَ الله ﷿ عبادَه بذلك مِن أمرِ المسيحِ، وأنه كذلك كان، وإن كان الغالبُ مِن أمرِ الناسِ أنهم يَتَكَلَّمون كُهولًا وشُيوخًا، احتجاجًا به على القائلينَ فيه - مِن أهلِ الكفر بالله مِن النصارى - الباطلَ، وأنه
(١) العَضْب: السيف. تاج العروس (ع ض ب). (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٥ إلى المصنف، وابن المنذر. (٣) هو عذافر الكِندى، والرجز في أمالي القالي ٢/ ٢١٥، وسمط اللآلى ٢/ ٨٣٦، واللسان (ك هـ ل، أم م، ك ر ى). (٤) في س: "رمى بها" وفى م: "قذفها به". (٥) في م: "تقول"، وفى س: "يعول".