مجاهدٍ:(وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كتابًا) يقولُ: مِدادًا. يَقْرَؤُها كذلك، يقولُ: فإن لم تَجِدوا مِدادًا، فعند ذلك تكونُ الرُّهونُ المقبوضةُ. (فرُهُنٌ (١) مقبوضةٌ). قال: لا تَكُونُ الرُّهُنُ إلا في السَّفَرِ (٢).
حدَّثني المثنى، قال: ثنا الحجاجُ، قال: ثنا حمادُ بنُ زيدٍ (٣)، عن شعيبِ بن الحُبَّحابِ، أن أبا العاليةِ كان يَقْرَؤُها:(فإن لم تَجِدُوا كتابًا). قال أبو العاليةِ: قد تُوجَدُ الدواةُ ولا تُوجَدُ الصحيفةُ، [وربما وُجد الكاتبُ ولا توجدُ الصحيفةُ](٤).
واختلفت القَرَأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرَأةِ الحجاز والعراقِ: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ (٥). بمعنى جِماعِ رَهْنٍ، كما الكِبَاشُ جمعُ كَبْشٍ، والبِغالُ جمعُ بَغْلٍ، والنِّعالُ جمعُ نَعلٍ.
وقرَأ ذلك جماعةٌ آخرون:(فَرُهُنٌ مقبوضة)(٦). على معنى جَمع رِهانٍ، ورُهُنٌ جمعُ الجمعِ. وقد وجَّهه بعضُهم إلى أنها جمعُ رَهْنٍ، مثلُ سَقْفٍ وسقُفٍ.
وقرَأه آخرون:(فَرُهْنٌ). مخففةُ الهاءِ، على معنى جِماع رَهْنٍ، كما يُجْمَعُ السَّقْفُ سُقْفًا. قالوا: ولا نَعْلَمُ اسمًا على فَعْلٍ يُجْمَعُ عَلى فُعُلٍ وفُعْلٍ، إِلا الرُّهُنَ والرُّهْنَ، والسُّقُفَ والسُّقْفَ.
والذي هو أولى بالصوابِ في ذلك قراءةُ مَن قرَأه: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾؛ لأن ذلك الجمعُ المعروفُ لما كان مِن اسمٍ على فَعْلٍ، كما يقال: حَبْلٌ وحِبالٌ، وكَعْبٌ
(١) في ص، م، س: "فرهان". وهما قراءتان، وسيذكرهما المصنف. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٦٩ (٣٠٣٨) من طريق أبي حذيفة به مقتصرا على آخره بنحوه. (٣) في الأصل: "يزيد". وينظر تهذيب الكمال ٧/ ٢٣٩ - ٢٤٣. (٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٦٩ عقب الأثر (٣٠٣٥) من طريق الربيع عن أبي العالية. (٥) وهي قراءة نافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ١٩٤. (٦) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو، على خلاف عنهما في ضم الهاء وتسكينها. المصدر السابق.