وقد زعَم أيضًا بعضُ مَن ضعُفَت معرفتُه بتأويلِ أهلِ التأويلِ، وقلَّت روايتُه لأقوالِ السلفِ مِن أهلِ التفسيرِ (٤)، أن الرحمنَ مَجازُه ذو الرحمةِ، والرحيمَ مَجازُه الراحمُ. ثم قال: قد يُقَدِّرون اللفظَيْن مِن لفظٍ والمعنى واحدٌ، وذلك لاتِّساعِ الكلامِ عندَهم. قال: وقد فعَلوا مثلَ ذلك، فقالوا: نَدْمانُ ونَديمٌ. ثم اسْتَشْهَد [ببيتِ بُرْجِ](٥) بنِ مُسْهِرٍ الطائيِّ:
ونَدْمانٍ يَزيدُ الكأسَ طِيبًا … سقَيْتُ وقد تغَوَّرَتِ (٦) النُّجومُ
واسْتَشْهد بأبياتٍ نظائرِه له في النَّديمِ والنَّدْمانِ. ففرَّق بينَ معنى الرحمنِ والرحيمِ في التأويلِ، لقولِه: الرحمنُ ذو الرحمةِ، والرحيمُ الراحمُ. وإن كان قد ترَك بيانَ تأويلِ مَعْنَيَيْهِمَا (٧) على صحتِه، ثم مثَّل (٨) ذلك باللفظَيْن [يَأْتِيان بمعنًى](٩)
(١) في ت ١: "القناة هجيتها". (٢) في النسخ: "الطهوي". والمثبت كما في طبقات فحول الشعراء ١/ ١٥٥، والشعر والشعراء ١/ ٢٧٢، والبيت في ديوانه ص ١٩. (٣) في ت ٢: "معجلينا". (٤) لعله أراد بذلك أبا عبيدة في كتابه مجاز القرآن ١/ ٢١، فأكثر الكلام الآتي منقول منه بنصه. (٥) في ص: "ببيت بزح"، وفي م: "قول برج" وفي ت ٢: "ببيت برح"، وفي ت ١: "ببيت نوح". والبيت في المؤتلف والمختلف ص ٨٠، وشرح ديوان الحماسة ٣/ ١٢٧٢، واللسان (ع ر ق)، (ن د م). (٦) في المؤتلف والمختلف، وشرح ديوان الحماسة: "تعرضت". وتغورت النجوم: غربت. اللسان (غ و ر). (٧) في ص، م: "معنيهما". (٨) في ص: "بين". (٩) في ص: "بإثبات معنى".